Wednesday, 18 November 2015
Enfield PSC: life under occupation
Monday, 9 November 2015
نصرة فلسطين
نصرة الأقصى
من الاهازيج الشعبية إلى الأغاني الوطنية إلى الفيديوهات الثورية والقضية كما هي...
الجنرال اللنبي احتل القدس قبل 98 سنة، والوضع من سيء إلى أسوأ.
كنا نلوم حكام العرب على الاستنكار، التنديد والشجب، والآن وصل الوضع إلى ترحيب ودعم لإسرائيل وهي تقتل في الفلسطينيين.
كلما قلنا لا أدنى من هذا، وصلنا الحضيض، يخرج علينا حكامنا بما هو اخسى وابلى وارذل...
في 2014 الفلسطيني يُقتل في غزة في رمضان واسبوعين ولا شيء، حتى الدعاء لهم في الحرم منعوه، وسيأتي زمان يدعوا فيه أئمة الحرم لإسرائيل.
لن تتحرر فلسطين، لن يقوم جيش عربي على نصرة القدس، وسيهدم الأقصى، هذا ليس تشاؤم، هذه قراءة للواقع، وهذا حاصل لا محالة، وهي مسألة 10-15 سنة، وارجو من الله ان يقبض روحي قبل ذلك. السؤال ليس ماذا ستفعل يوم نصحو على خبر هدمه، بل ماذا ستفعل لتحول دون ذلك!
الكل يتحجج أننا مغلوبون على امرنا وما بيدنا حيلة. واننا لا نملك شيء إلا الدعاء، اقول لا تدعو، رجاءا لا تدعو! 98 سنة ونحن ندعو والارض تضيع والعرض يستباح، كفوا عن الدعاء. ولماذا يستجيب الله لنا ولدعائنا، ماذا فعلنا غير الدعاء؟ قبل غزوة بدر قال أبو بكر الصديق مناجيا رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعض من مناشدتك ربك، فإنه منجزك ما وعدك! نعم، خفف من الدعاء لأن الله سينصرك، كما وعدك لانك انجزت ما طلب منك! فهل انجزنا أي شيء قبل رفع ايدينا بالدعاء؟ لا، إذا فكفوا...
علينا كأفراد ان نقوم بواجبنا وما هو مطلوب منا، تخاذَلَ الحكام، خانوا الامانة، ظلموا استبدوا، كل هذا لا يبرر تخاذلنا نحن، فكُثر الغلط لا يبرر بعضه.. وكما ردت الطائفة الذين أمروا الظالمين وعاتبهم المتخاذلون :
{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164)} [الأعراف ]
معذرة إلى ربكم، نعم، ان عز العمل، وقل الأمل، وانقطع الرجاء من الفرج، فارفع عن نفسك الحرج، ولا تقل ليس من جدوى، بل اعمل، معذرة إلى ربك، ولعل...
اذا ماذا نعمل، ما الذي يمكنني فعله؟ ادرجت هنا بضعة افكار، محاولة ولعل وعسى، وانا اعلم اني رغم ما قمت ويقوم به كثيرون لن تتحرر فلسطين ولكن من الممكن تخفيف الضرر، رفع المشقة عن البعض، وتأخير المصائب القادمة، واقلها معذرة إلى ربكم..
اولا- تعلم القضية الفلسطينية. لكي تبقى القضية حية علينا ان نعرفها ونتعلمها جيدا.
2- تعليم القضية؛ التحدث مع زوجتك، اولادك، اهلك، أصحابك، زملائك، معارفك. وهنا تأتي وسائل التواصل الاجتماعي مفيدة بدل نشر الأحاديث المكذوبة والتهاني بيوم الجمعة!
3- الدعم المادي؛ وهو شقين، المال والجهد
{۞ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}
التبرع المادي:
سُئل رسول الله: أي الأعمال أفضل؟ قال: " إدخالك السرور على مؤمن؛ أشبعت جوعته، أو كسوت عورته، أو قضيت له حاجة" ( صحيح، الطبراني، عن عمر بن الخطاب ) ضعيف ولكن له شواهد)
وهناك جمعيات كثيرة تدعم وتساند برغم التشديد والمنع وإغلاق الحسابات البنكية..
الفلسطيني في القدس لا يسمح له بالبناء او اصلاح بيته، ويُضيّق عليه في كل شيء، وبيته تشتريه المنظمات الصهيونية بالملايين ومع ذلك لا يبيع، هذا دعمه واجب.
الفلسطيني في غزة محاصر من سنوات والخناق يضيق أكثر، هذا دعمه واجب.
الذين يضحون بأرواحهم و بيوتهم، هؤلاء يقدمون كل ما يمكن تقديمه للأقصى، فلا تتخاذل عن التبرع بالقليل...
الوقت والجهد :
وهذا مهم كما التبرع المالي،، فلا تقول انا مستعد للدفع وفقط! من سيجمع، من سيرسل، من سينشر المعرفة بالقضية، من سيتواصل مع المنظمات الدولية والحقوقية، من سيُحدّث الناس عما يحدث! المال مهم ولكنه لا يكفي..
4- الدعم المعنوي: المظاهرات، المراسلات، المقاطعة...
المظاهرات لا توقف إسرائيل، لكنها تذكر الناس بفلسطين، وتُشعر الفلسطيني المحاصر ان الشعوب لا زالت معكم.
المقاطعة الآن أولوية على اجندة إسرائيل ومن يدعمها، لولا انها تضرهم لما اهتموا بها!
التواصل مع الفلسطينيين في غزة، الضفة، ال 48، وانشاء برامج معهم. مثلا جمعيات في كامدن/ لندن و هارينجي/ لندن تستقبل الاطفال من ابو ديس، تسوق المنتوجات من العيزرية... افكار بسيطة لكنها ناجحة جدا..
5- استخدام الوسائل المتاحة لنصرة فلسطين، وهذا خصوصي لنا في أوروبا. هناك الكثير من البرلمانيين الذي يمكن مراسلتهم، الإعلام الرسمي ك البي بي سي، ومؤسسات المجتمع المدني. والتركيز على نقاط وليس مجمل، لانه اسهل واضمن من الخوض في نقاشات وجدل لا فائدة منه. فمثلاً، المستوطنات غير شرعية، ومنتوجاتها كذلك، ومسألة اعتقال الأطفال، هذه أشياء الاتحاد الأوروبي واضح جدا حولها.
6- الدعاء :
وكما بدأت أختم، باختلاف.
قلت بداية لا تدعو، والآن اقل ادع، ولكن بشرط أن تكون قد قدمت وعملت ومن ثم يأتي الدعاء. ايضا تفكر وتمعن في قول عمر رضي الله عنه: (( أنا لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء ). الله ضمن الاستجابة، لكن تحقق من نيتك، احسن من عملك، واخلص في العمل والعبادة ومن ثم اقنط بالدعاء لهم...
Tuesday, 22 September 2015
الحج، ذكريات 2
من ذكريات الحج 2010
يوم التروية
يتحرك الحجيج إلى منى، مليونين ونصف، حسب الارقام الرسمية! ما يقارب سكان مدينة عمان، كلهم يتحركون في اتجاه واحد..
قيل لي لا تركب الباصات مع المجموعة، المشي ساعة، الباص - مع الازمة- ساعتان أو أكثر. مشيت، ومشى معي كثيرون. اكبر من اي تظاهرة شاركت بها - وقد شاركت في كثير- او سمعت عنها (لم يكن هناك مليونيات حينها). سرنا في النفق، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك. بدأت أشعر بأن الحج قد بدأ، فالعمرة والطواف والسعي والجلوس في الحرم لساعات طويلة متأملا الكعبة كان جميلاً لكن ليس كالحج، وهنا يبدأ الحج.
وصلت الجمرات بأقل من ساعة، منظر منى مختلف عما شاهدت من قبل. كنت قد زرت منى قبل سنوات خلال عمرة في رمضان 2004، مدينة من الخيام، خاوية لا أحد فيها سوى بعض العمال. الآن، ملايين من البشر، اسواق، مطاعم، مستشفيات، إطفاء، وكل ما تحتويه المدن الكبيرة، و زبالة، الكثير منها في كل مكان.
رغم ملامح المدينة واكتظاظ الناس في منى، لا تستطيع أن تنسى انك في مخيم، لاجئ إلى الله، تعيش في خيمة، محاط بصحراء وجبال جرداء. تحمل جوال لكن بمن تريد الاتصال هنا؟ كثير من الناس حولك لكن مع من تتحدث؟ وعن ماذا؟
صار جدل في مخيمنا حول تقسيم الخيام، جاءت شركة حجاج من بيرمنجهام وقالوا ان هذه خيمتهم، وشركة الحج التي انا معها يقولون بل خيمتنا، والمطوف السعودي يتفرج على هذا الجدال. ازداد الصياح وبدأ الحجاج جميعهم في التدخل، وقفت وصحت قائلا : هذه خيمتكم، انا لا اريد خيمة، لا اريد فراش، انا هنا للحج، ضعوني حيثما شئتم اليوم وغدا اوصلوني إلى عرفات، وعدا ذاك لا يهمني شيء... بهت الجميع للحظات، وكأنهم تذكروا لماذا قطعوا كل هذه المسافات، اقتسمنا الخيمة معهم.
جلسنا بعد صلاة العشاء، غدا عرفات، الجميع يرتدي ملابس الإحرام، يستشعر رهبة الموقف، ماذا ستفعل غدا، ماذا ستقول... اقترح احد الحضور ان يتحدث الجميع عما يرقق القلب، ما الذي يجعل قلبك يزداد إيماناً، ما الذي يلمس قلبك من القصص والروايات، الأحاديث والآيات. تحدثت وتحدث الجميع، أعجبني قول أحدهم : عمر بن الخطاب رضي الله عنه اسلم ورق قلبه لسماع أوائل سورة طه، فلنقرأ هذه الآيات ونستشعر ما شعر، نفهم ما فهم، عسى أن تقلب حياتنا كما فعلت معه...
الحج، ذكريات 1
من ذكريات الحج 2010
يوم التروية
يتحرك الحجيج إلى منى، مليونين ونصف، حسب الارقام الرسمية! ما يقارب سكان مدينة عمان، كلهم يتحركون في اتجاه واحد..
قيل لي لا تركب الباصات مع المجموعة، المشي ساعة، الباص - مع الازمة- ساعتان أو أكثر. مشيت، ومشى معي كثيرون. اكبر من اي تظاهرة شاركت بها - وقد شاركت في كثير- او سمعت عنها (لم يكن هناك مليونيات حينها). سرنا في النفق، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك. بدأت أشعر بأن الحج قد بدأ، فالعمرة والطواف والسعي والجلوس في الحرم لساعات طويلة متأملا الكعبة كان جميلاً لكن ليس كالحج، وهنا يبدأ الحج.
وصلت الجمرات بأقل من ساعة، منظر منى مختلف عما شاهدت من قبل. كنت قد زرت منى قبل سنوات خلال عمرة في رمضان 2004، مدينة من الخيام، خاوية لا أحد فيها سوى بعض العمال. الآن، ملايين من البشر، اسواق، مطاعم، مستشفيات، إطفاء، وكل ما تحتويه المدن الكبيرة، و زبالة، الكثير منها في كل مكان.
رغم ملامح المدينة واكتظاظ الناس في منى، لا تستطيع أن تنسى انك في مخيم، لاجئ إلى الله، تعيش في خيمة، محاط بصحراء وجبال جرداء. تحمل جوال لكن بمن تريد الاتصال هنا؟ كثير من الناس حولك لكن مع من تتحدث؟ وعن ماذا؟
صار جدل في مخيمنا حول تقسيم الخيام، جاءت شركة حجاج من بيرمنجهام وقالوا ان هذه خيمتهم، وشركة الحج التي انا معها يقولون بل خيمتنا، والمطوف السعودي يتفرج على هذا الجدال. ازداد الصياح وبدأ الحجاج جميعهم في التدخل، وقفت وصحت قائلا : هذه خيمتكم، انا لا اريد خيمة، لا اريد فراش، انا هنا للحج، ضعوني حيثما شئتم اليوم وغدا اوصلوني إلى عرفات، وعدا ذاك لا يهمني شيء... بهت الجميع للحظات، وكأنهم تذكروا لماذا قطعوا كل هذه المسافات، اقتسمنا الخيمة معهم.
جلسنا بعد صلاة العشاء، غدا عرفات، الجميع يرتدي ملابس الإحرام، يستشعر رهبة الموقف، ماذا ستفعل غدا، ماذا ستقول... اقترح احد الحضور ان يتحدث الجميع عما يرقق القلب، ما الذي يجعل قلبك يزداد إيماناً، ما الذي يلمس قلبك من القصص والروايات، الأحاديث والآيات. تحدثت وتحدث الجميع، أعجبني قول أحدهم : عمر بن الخطاب رضي الله عنه اسلم ورق قلبه لسماع أوائل سورة طه، فلنقرأ هذه الآيات ونستشعر ما شعر، نفهم ما فهم، عسى أن تقلب حياتنا كما فعلت معه...
Wednesday, 19 August 2015
غربة، رسالة ورد
خربشات عاشق "
ارسل الي عدنان الشبول هذه الأبيات
مال العيون التي في طرفها حورٌ ... لـم يـقتلنّ سـوى أبـيات أشعاري
كـلّ الـقوافي بطعم الحبِّ راقصةٌ ... إلا قـصيدي على الأشواكِ والنّارِ
بـيتي تـراه عـلى الأحـبابِ مدمعهُ ... والـهـجرُ يـبعدهُ عـن شـرفةُ الـدّارِ
لــولا الـحياءُ لـفاضتْ كـلُّ أحـرفهِ ... نـهـرًا إلــى وطـنٍ أهـديهِ أفـكاري
فكتبت له :
قتلتنا الغربة، قتلنا اغترابنا عن اهلنا، عن بلادنا، عن كل شيء حتى اغترابنا عن انفسنا..
صارت الغربة حرفة نتقنها، نتقن اغانيها، اشعارها وخواطرها.
قلب محترق بالاشواق، شوق يسكن القلب ودمع العين، وليس لنا إلا كلمات نواسي بها انفسنا، ننفس عما يجول في القلب من احتراق واشتياق..
اترى يذكرني الوطن، واهل الوطن؟ هل سيتعرف علي شجر الزيتون، زهر الدحنون؟ هل سيميزني الياسمين وعطره الفواح؟ هل تذكرني تلك المقاهي، الشوارع، الاسواق؟ هل انا الغريب هنا، الممتلئ بالغربة والحنين، سأكون ايضا غريباً هناك، في وسط كل ما اعرفه ويعرفني، هل سينكرني ويقول
يا غريب، عد إلى بيتك الغريب، إلى وطنك الغريب، إلى نفسك الغريبة، إلى غربتك...
Saturday, 15 August 2015
البيت
البيت،
الحجارة، الأسمنت، خشب الباب، زهور المدخل، النوافذ، الأنية، فرشة السرير، السرير، طاولة الطعام، كراسي الطاولة، الصحون، الأشياء كلها التي نجمعها. هذه بمفردها لا شيء، وبمجموعها نسميه بيت، لكن البيت هو ليس هذا، البيت هو أن تجلس هناك ، لا سعيداً لا حزيناً،
بين بين. ولا تبالي لأنك تعلم انك
حقاً أنت، لا مجرد "أحد" ..
Tuesday, 4 August 2015
Breathing
Breathing
I was born many years ago, and the first thing that amused me, was not the bright light, the space around, or seeing people for the first time, it was my first breath. The fresh air going inside filled me with joy, tasteless but still full of life. I enjoyed it so much I took another one, and another, I wanted to tell all the world how happy I was, I was truly “laughing out loud”, but people thought I was crying, they did not understood what I was trying to do or say, they did not want to understand it, they prejudge me.
And like every joy in life, soon after it becomes a routine, a boring repetitive action that has no life, no meaning, no value. My breathing became like that, breathe in, breathe out, breathe in, breathe out, breathe in, breathe out, breathing not because I want to, but because I have to.. I am breathing, therefore I exist.
Monday, 18 May 2015
انتظار
كتابات سوداوية
انتظار : هذا ما كُتب بخط اسود على اللوحة الذهبية اللون التي عُلِقت على الحائط الجانبي للقاعة الكبيرة. كراسي حديدية انتشرت ملاصقة للجدران، شكلها لا يعطي اي احساس بالراحة. اللون الرمادي غلب على كل شيء، الجدران، المقاعد وحتى الأرض التي يبدو انه كان لها لون في يومٍ ما. أجساد منهكة ترامت على الكراسي الحديدية يطبع الحزن صورته على الوجوه والصمت يسود الموقف عموماً.
حارسٌ تغلب عليه ملامح السذاجة جلس الى جانب الباب الحديدي، يده ممسكة بالمقبض وعيناه تنتظران امراً بفتح الباب. الباب ازرق غامق وفيه نافذة " طاقة" صغيرة تسمح للحارس أن يرى الطرف الاخر من الباب.
هذه قاعة الانتظار خارج وحدة العناية الحثيثة، احفظ معالمها وتفاصيلها، كيف لا وأنا أقضي غالب نهاري وليلي جالسا على الكراسي الحديدية : انتظر.. وعلى الجانب الآخر ترقد والدتي على سرير تنتظر. ما أثارني كان تلك اللوحة: إنتظار! لم يُكتب قاعة إنتظار، أو الانتظار، او إنتظار الزوار، فقط: إنتظار!
ماذا تنتظر في هكذا مكان؟ الموت ام الحياة!
ام كلاهما؟
إنتظار، نكرة، نكرة مبهمة لا تعني الكثير للكثيرين، مثل احلامنا، آمالنا، أمانينا، حياتنا وموتنا...
كم من الأشخاص دخلوا إلى العناية المركزة، وكم من الآخرين انضموا إلينا في هذا المكان، في هذا العمل المقدس: إنتظار. ولا شيء ابدا، سوى المزيد من الإنتظار. الحياة معجزة، وكذلك الموت، ونحن ننتظر كلاهما.
شاب عشريني يرتدي دشداشة بيضاء تصل إلى تحت ركبتيه بقليل، دخل القاعة بسرعة وانضم إلى جماعته المنتظرين، تحدثوا عن المعجزات، عن الرحمة، عن التوبة. طرقٌ خفيف على الباب من الداخل، والحارس كعادته متأهب ممسك بقبضة الباب، خرجت من الداخل امرأة محجبة في متوسط العمر (حين يخلو العمر من الفاجعات) ، انضمت اليهم للحظات ثم بدأت بالنحيب..
نقالة يجرها شابان يبدوان وكأنهما في سباق، يجري إلى جانبها وخلفها بضعة اشخاص يرتدون الأبيض أو الأزرق، رجل اربعيني مستلقي عليها، يهتز جسده الهزيل مع اهتزازهها وكأنه يتأرجح بين الموت و الحياة. دخلوا جميعا من الباب الحديدي، الحارس ممتلئ بالإثارة وهو ممسك بقبضةالباب، يحرص على سرعة دخولهم في لحظات، كأنه هاديس ممسك بكلابه، ولا احد يخرج.
بعد لحظات وصلت مجموعة من النساء يلحقهم بضعة رجال يتبعون النقالة، لكن الحارس حريص على ان لا يدخل أحد. بدأ صوتهم يعلو، شتائم ودعاء، بكاء وصراخ. تبادل المنتظرون النظرات معبرين عن امتعاضهم، امعنوا في اللوحة: انتظار، ثم عادوا إلى انتظارهم موقنون أن القادمون الجدد سيتعلمون فن الإنتظار سريعا.
يوم الجمعة تتحول قاعة "إنتظار" إلى خلية نحل، حركة دؤوب وزوار كثر، يزورون المنتظرين ليطمئنوا عليهم، ويواسونهم في انتظارهم. مشاعر حقيقة تختلط مع نفاق اجتماعي، واجب او محبة، كلاهما متشابهون، في انتظار الموت والحياة كل المشاعر لا قيمة لها.
لا أعرف اياً من الأسماء، لا المُنْتَظَرون ولا المنتظِرون، فلا شيء يجمعنا هنا سوى أننا لأيام قلائل تشابهت وتقاطعت حياتنا في هذه القاعة، وعند وصول معجزتنا، او معجزتهم، سيكون لدينا ما يشغلنا عن بعضنا.
كل يوم ينضم إلينا أناس جدد، وينسحب آخرون، يأتي الموت، يتجول بيننا، يجالسنا، ثم يسير بهدوء نحو الباب الحديدي، لا ينتظر أن يفتح الحارس "هاديس" الباب، يمر بثقة ويأخذ ما يريد، يعود إلى قاعة الإنتظار، يمعن النظر في اللوحة، ثم يغادر مؤكدا أنه سيعود قريبا. يحزن ويرحل أصحاب المعجزة، ويواصل الآخرون الإنتظار بأدب واحتراف.
كتبت في شهر آب 2009... هاديس هو إله العالم السفلي في الأساطير اليونانية