قررت أغيّر ديني

على دين مَنْ؟ 

على دين عبد المطلب، هكذا أنهى أبو طالب حياته مقرراً أنّه على دين آبائه. لم يقل ما هو هذا الدين، وذاك ليس موضع الحديث أو الشرح، لكن أكثر ما كان يهمه ويهم من حوله هو في صفّ من، ومع من، وفي زمرة من، سيكون أبو طالب، فالدين هوية وإنتماء وليس فقط عقيدة وما يُحلل أو يحرّم.

نقول أننا مسلمين، وهذا القول، حسب إعتقادنا، يجمعنا في صف واحد مع أكثر من مليار شخص. لكننا في قرارة أنفسنا نعرف أننا لا نشبه غالبهم في الإيمان والعقيدة والإعتقاد، ناهيك عن التطبيق والفهم. وأمام كثير من المعضلات العقائدية والسياسية والحياتية نجد أنفسنا نواجه ونوجه إتهامات تُخرج وتُدخل في الملة. ومع ذلك لا نجد حرجاً بأن نجمع أنفسنا تحت مظلة الدين، رغم أننا يقيناً نؤمن أننا لسنا معهم، منهم، مثلهم. 

فأنا، وأنت، والقذافي، وصدام، وابن سلمان، ودحلان، والبغدادي، والألباني، والشعراوي، وأم كلثوم، وراغب علامة، وسميرة توفيق، وأحمد ياسين، ومحمود عباس، والعفاسي، والسيسي، ومليار غيرهم، كلنا على ملة واحدة! 

على دين من؟ 

لا أعرف، ارغب ان أكون على ملة بعضهم وأكره أن أكون من ملة غالبهم.. 

إستشهاد شيرين أبو عاقلة أظهر هذا الشرخ مرة أخرى، وبينما إهتم كثيرون بالجريمة والتضحية، إنشغل قسم من "الأمة" بالبحث عن مشروعية الدعاء، وأي الكلمات تجوز أو لا تجوز.

يوم أمس شاركت في مسيرة في لندن بمناسبة ذكرى النكبة، وكانت شيرين حاضرة بروحها الطاهرة ورسالتها التي دفعت حياتها ثمناً لها. أغلب المشاركون في التظاهرة ليسوا فلسطينين، وليسوا عرب، وليسوا مسلمين، لكن ما جمعنا جميعاً هو الإنتصار للمظلوم وحب العدل والعدالة..

(مسيرة النكبة، لندن ٢٠٢٢(

على دين من؟

على دين فلسطين، ومن ناصَر فلسطين. هذا ديني وديندني، هذه عقيدتي وإيماني، ويدخل في هذا الدين كل من يكره الظلم وينتصر للمظلوم، وكل من يسعى لإقامة العدل في الأرض. كل من يموت في سبيل هذا السعي والغاية فهو شهيد، ندعو له بالرحمة التي تليق بالتضحية، التضحية بالروح.

في جلسة قبل ربع قرن كان الحديث فيها عن تضحية أحد الشهداء وتقييمها، بعد ان إحتدّ النقاش نهض أحد الأصدقاء وقال محتداً: ولكو مشان تحكوا عن شهيد لازم تقدموا زيوه، يعني اذا ما استشهدت، فمش من حقك تحكي عن شهيد...

الله يرحمك يا شيرين، ويرحم كل من ناصَرَ ودعم فلسطين...