Monday 2 March 2020

الجهل

انت جاهل، فهل انت سعيد؟ 

 في نفق مظلم، انت تعرف انك لست وحدك لكنك لا ترى سوى ظلام دامس. انت تعلم انك لست وحدك لكنك لا تسمع إلا الصمت. ثم يبزغ نورٌ ضعيفٌ، ترى مصدره، تشعرُ وقعه، تتبع اثره لتكتشف انك حتى لحظات كنت اعمى، كنت أصم، وكنت مكبّل. تقف مذهولا بنعمة البصر، تنظر حولك فتجد ملايين من البشر، مكبلين في قيود وهمية، تعرف انها وهم لأنك كنت قادر على كسرها قبل لحظات. ساكنون هادئون، صمٌ، بكمٌ لا يبصرون.

 تجتهد لتأخذ بأيديهم نحو الضوء، ليفتحوا اعينهم، ليولدوا، ليحيوا بنعيم الضوء والحركة. لكنك تجد انهم اميل لراحة السكون من تعب الحركة، هدوء الصمم خير من ازعاج الفكرة، عتم العمى اسلم وآمن من بصيص النور.
متعباً ومجهداً تتلفت حولك، تعود إلى النور، إلى الحركة، الى حرية المكان، فتجد انك كنت واهم، فذلك الضوء لم يكن حقيقة، بل خدعة بصرية ابصرتها فقط لأنك فتحت عينيك، لأنك اخترت ان ترى، اما من حافظ على اغلاقهما فقد سَلِم، لم يُخدع.
 الآن انت لا تستطيع اغلاق عينيك لأنك قد ذقت طعم الابصار، سمعت صوت الحياة فلا تقدر ان تتظاهر بالصمم، نَعِمْتَ بالحركة فلا تجيد السكون. 
لكنك، لست على شيء، لا حقيقةً وجدت ولا معرفةً اكتشفت، وأولئك الملايين من حولك، في سكونهم وعماهم وصممهم، جاهلون، وجهلهم راحة، والراحة يقين. 

الآن انت في شك، فهل انت سعيد؟