Thursday 29 August 2013

هل نقبل بقصف سوريا؟

سوريا: كلام لا بد منه!
تستعر الدعوات وتزداد لتوجيه ضربات صاروخية للنظام السوري، وكما غيري أجد نفسي في تساؤل مشروع هل أؤيد أم أعارض أم ألتزم الصمت؟ السؤال الذي يدور على ألسنة الجميع هو: من المستفيد من هذه الضربة؟
بالتأكيد أجزم  ليس السوريون.






لم تتوقف ألة القتل الأسدية منذ اول ايام الثورة السورية، ولم يأتي أحد في العالم بأية خطوة ذات معنى لإيقاف النزيف، فعلى العكس تماماً كانت الجهود منصبة على استمراره وتأجيجه، وتفريق الفرقاء المنقسمين اصلاً.

الجبهة الرسمية استصاغت فكرة المؤامرة التي كانت تقتات عليها لعقود مبررة وحشيتها، متهمة المعارضة بالخيانة والعمالة للخارج لكنها لم تتردد في الاستعانة بالخارج لدعم القتل، وشراء الاسلحة، وتعطيل أي جهد لتسوية ذات معنى. 

اما المعارضة الخارجية فكانت سلعة رخيصة لكل من يريد أن يدلو بدلوه في هذه المعمعة، فشهدنا المجلس الوطني ومن ثم الائتلاف الوطني والحكومة البديلة وأشياء ومسميات لا حصر لها. وفي كل مؤتمر يظهر لنا تحالفات جديدة وشخصيات جديدة وشعارات جديدة، حتى ان المتابع لما يحدث ليُصاب بالغثيان من تبدل المواقف والولاءات والطروحات. وفي كل هذا التقلب كانة السِمة البارزة انعدام رؤية حقيقة واقعية للخروج من حمام الدم، وايضا انفصال القواعد على الارض عن هذه الرموز المصطنعة.

الداخل السوري بدا موحداً متمسكاً بوحدته في بداية الثورة، مُصرّاً على مبادئها وما تصبو اليه نفوس السوريين. ومع ازدياد الانقسام الخارجي، واستمرار الة القتل وثبات الموقف الرسمي بدأت وحدات الثورة بالتفكك والتخبط والاختلاف. والاختلافا في اي مكان مقبول ومتوقع، لكن مع تباعد المدة، ورغم توحد الاسباب التي دعت الى الثورة بدأت تظهر تباعد الاهداف المرجوة منها، تحول جزء (كبير) من مجهود الثوار في الداخل لمواجهة بعضهم او في احسن الاحوال لانشاء تحالفات قصيرة الامد ما تلبث ان تتفكك وتنتهي بخلافات اشد وتفرق اشد.

ماذا الان؟
لم يكن استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة من قِبل النظام الاول خلال العاميين الماضيين، ولن يتوانى النظام عن استخدام اي شيء لتمديد مدته واطالة بقاءه. الذي اختلف هو الخطر الذي أحست به القوى الغربية من الانتشار الغير مسيطر عليه في استخدام الكيماوي والخوف من انتقال بعض من هذه الاسلحة الى خارج حدود سوريا. وهذا القلق كان قد أثاره الغرب عند بداية الازمة وصرّح  النظام مطمئناً أنه على سيطرة تامة على المخزون الكيماوي. لكن يبدو ان هذه السيطرة بدأت تتلاشى وذلك لدخول اطراف ومقاتلين كُثر الى جانب النظام لا يبدو ان له سيطرة عليهم.

توجيه اية ضربات صاروخية لسوريا سيكون محدود وذو هدف واضح وهو تدمير القدرة (ومخزون الاسلحة) الكيمائية للجيش السوري، وليس لإنهاء النظام او حتى اضعاف الجيش بالقدر الكافي لتحقيق نصر للثورة. فماذا سيحدث بعدها؟

السيناريوهات المحتملة متعددة وواسعة جدا، لكن الثابت ان النظام سيبقى، وحجته وديدنه عن المؤامرة الخارجية سيقوى، وتعاطف المتعاطفين اصلا معه سيزداد وسيصبح الاسد بطل التصدي للامبريالية. في المقابل لن تزيد هذه الضربات في وحدة المعارضة ولن تعطيها الزخم اللوجستي لتحقيق اي نصر. وربما -وهذا ليس مستبعد- ان تشمل الضربات بعض اركان المعارضة المسلحة التي لا يستسيغها الغرب!

حاول الاسد الاب والابن اختزال سوريا الوطن في شخص الاسد، لتصير سوريا الحبيبة سوريا الاسد. لكن الصواريخ لن تسقط على سوريا الاسد، الوهم الذي اراد ان نُصدقه، بل ستسقط على سوريا الحبيبة، الحلم الذي نريد ان نستعيده.

منذ انطلاق شرارة الثورة السورية في وسط اذار ٢٠١١ لم اتردد يوماً في دعمها، ولا زلت اقف معها قلباً وقالبا لاني مدرك تماماً لفحش وظلم وبشاعة الاسد، وقد عانيت من هذا النظام شخصياً. ورغم ما شابها ويشوبها من اوساخ الا انني مؤمنٌ بطهارة باطنها وأصلها ومطالبها. لكني قلت في اول ايامها وما زلت اردد مقتنعاً حتمية اللقاء والتسوية السياسية كمخرج، لا لان الثورة لا تملك الحق، لكن لانها الحكمة. يقول محمود درويش:
أنا أو هو
هكذا تبدأ الحرب
لكنها تنتهي بلقاء حرج
أنا وهو...




No comments:

Post a Comment