Tuesday 22 September 2015

الحج، ذكريات 2

من ذكريات الحج 2010
يوم التروية
يتحرك الحجيج إلى منى، مليونين ونصف، حسب الارقام الرسمية! ما يقارب سكان مدينة عمان، كلهم يتحركون في اتجاه واحد..
قيل لي لا تركب الباصات مع المجموعة، المشي ساعة، الباص - مع الازمة- ساعتان أو أكثر. مشيت، ومشى معي كثيرون. اكبر من اي تظاهرة شاركت بها - وقد شاركت في كثير- او سمعت عنها (لم يكن هناك مليونيات حينها). سرنا في النفق، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك. بدأت أشعر بأن الحج قد بدأ، فالعمرة والطواف والسعي والجلوس في الحرم لساعات طويلة متأملا الكعبة كان جميلاً لكن ليس كالحج، وهنا يبدأ الحج.
وصلت الجمرات بأقل من ساعة، منظر منى مختلف عما شاهدت من قبل. كنت قد زرت منى قبل سنوات خلال عمرة في رمضان 2004، مدينة من الخيام، خاوية لا أحد فيها سوى بعض العمال. الآن، ملايين من البشر، اسواق، مطاعم، مستشفيات، إطفاء، وكل ما تحتويه المدن الكبيرة، و زبالة، الكثير منها في كل مكان.
رغم ملامح المدينة واكتظاظ الناس في منى، لا تستطيع أن تنسى انك في مخيم، لاجئ إلى الله، تعيش في خيمة، محاط بصحراء وجبال جرداء. تحمل جوال لكن بمن تريد الاتصال هنا؟ كثير من الناس حولك لكن مع من تتحدث؟ وعن ماذا؟
صار جدل في مخيمنا حول تقسيم الخيام، جاءت شركة حجاج من بيرمنجهام وقالوا ان هذه خيمتهم، وشركة الحج التي انا معها يقولون بل خيمتنا، والمطوف السعودي يتفرج على هذا الجدال. ازداد الصياح وبدأ الحجاج جميعهم في التدخل، وقفت وصحت قائلا : هذه خيمتكم، انا لا اريد خيمة، لا اريد فراش، انا هنا للحج، ضعوني حيثما شئتم اليوم وغدا اوصلوني إلى عرفات، وعدا ذاك لا يهمني شيء... بهت الجميع للحظات، وكأنهم تذكروا لماذا قطعوا كل هذه المسافات، اقتسمنا الخيمة معهم.
جلسنا بعد صلاة العشاء، غدا عرفات، الجميع يرتدي ملابس الإحرام، يستشعر رهبة الموقف، ماذا ستفعل غدا، ماذا ستقول... اقترح احد الحضور ان يتحدث الجميع عما يرقق القلب، ما الذي يجعل قلبك يزداد إيماناً، ما الذي يلمس قلبك من القصص والروايات، الأحاديث والآيات. تحدثت وتحدث الجميع، أعجبني قول أحدهم : عمر بن الخطاب رضي الله عنه اسلم ورق قلبه لسماع أوائل سورة طه، فلنقرأ هذه الآيات ونستشعر ما شعر، نفهم ما فهم، عسى أن تقلب حياتنا كما فعلت معه...


No comments:

Post a Comment