Friday 25 November 2016

منع الأذان والحرائق


الفرحون بالحرائق في فلسطين المحتلة إيمانا انها رد إلهي على منع الأذان يذكروني بقصتين في القرآن الكريم :
قوم موسى عليه السلام رفضوا الدفاع عن الدين، جبنا وخوفا، فقالوا: "يا موسى إنّا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها، فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون"
فنحن جميعاً نعمل بقولهم....

ويوم جاء ابرهة الاشرم ليهدم الكعبة، هرب اهل مكة إلى الجبال، ولم يدافع أحد عن بيت الله الحرام، فجاء جند الله واحرقوهم
"ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل؟ ألم يجعل كيدهم في تضليل؟ وأرسل عليهم طيرا ابابيل، ترميهم بحجارة من سجيل"
ونفرح بصنيع الله بأصحاب الفيل لكن ليس لنا من فضل وحجتنا اننا لم نشهد ذاك اليوم، لكن ان كنا هناك هل سننتصر لبيت الله ام نهرب إلى الجبال؟ ....

الله غالب على أمره ولكن الله ينصر من ينصره...

Tuesday 15 November 2016

أيلول الأبيض

هذه القصة حقيقية وبعض أبطالها لا يزالون على قيد الحياة (تم تغيير الأسماء فقط) ...

أيلول الأبيض

قال أبو أحمد بصوت عالٍ محاولا أن ينهي النقاش: والله عمركم سمعتم عن عائلة ما تختلف؟ وهكذا نحن؛ عائلة، إخوان وأولاد عم ونسايب، حملنا السلاح على بعض، وحملناه ندافع عن بعض....
همهم الجميع بالموافقة وساد صمتٌ للحظات. عدّل أبو خالد من جلسته، تربّع على الكنبة ورفع رأسه وصوته:
صلوا على رسول الله...

تردّد صوت الصلاة في المضافة، وتابع ابو خالد الذي كان صامتا طيلة المساء :

يا جماعة أنا كنت في كتيبة سلاح الهندسة في الغور، وجاءتنا الأوامر بالتحرك إلى عمان في أواخر أيلول في تلك السنة.
الرحلة من الغور استغرقتنا أكثر من نصف النهار في الجيب المنهك من الخدمة، مثلنا.
وصلنا أنا وثلاثة من الأفراد من كتيبتي إلى كتيبة الإرسال في جنوب عمان عند العصر، وبمجرد أن ترجلنا جاءنا أمرٌ بالتحرك مباشرة إلى منطقة القصور.
قال لنا الرقيب: ما نقدر نعطيكم سيارة، لازم تروحوا مشي وديروا بالكم!
قال "ديروا بالكم"، ونحن لا نسمع إلا صوت القصف والرصاص!

بدأنا بالمسير بين الحقول واتجهنا إلى "حي نزّال"، كنا متعبين من الرحلة في الجيب، من قلة الاكل والنوم، ومن الخوف الذي يحيط بنا، وكانت خطى الليل أسرع من خطانا. بدأنا نقترب من العمران والليل يحط مظلته السوداء، صار صوت الرصاص أشد، وصوت الموت أكثر صخبا. الشوارع مقفرة ولا شيء سوى أثر الرصاص على واجهات البيوت.
بيوت ساكنة، لا تدري هل هي خالية من سكانها، أم تراهم جثثٌ في الداخل؟ وكلاهما - الخلاء والموت - يشتركان في الصمت...
شقّت بضعُ رصاصاتٍ الهواء الذي نتنفس، ارتطمت بالحائط القريب وتناثر التراب علينا. شعرت بارتفاع الحرارة في الجو، وبدأ جسدي بالتعرّق. نظر العسكر الثلاثة إليّ نظرة باحث عن جواب، ركضت باتجاه أحد البيوت القريبة وهم يلحقون بي، دفعت الباب الحديدي بقدمي فانفتح على مصراعيه، دخلنا حوش ومن ثم باب آخر موصد، ضربته بكتفي فانفتح على ظلام دامس. دخل أربعتنا وقبعنا في الظلمة، لا نسمع إلا صوت لهاثنا وصكصكة أسناننا..
بدأت أحاول استجماع قواي، نظرت حولي فانتبهت أني أجثو على ركبتي، لم يكن لدى ركبي أي قوة قادرة على حملي! للحظات نسيت اسمي، من أنا ولما أنا هنا، كل ما كان يدور في ذهني هو صوت الرصاص يخترق الهواء بقربي ويضرب الحائط المقابل...
لم أدرِ كم مضى من الوقت قبل أن استطعت أن أقف وأبدأ أستطلع ما حولي؛ المكان معتم ولكن هناك ما يكفي من الضياء لأرى الجنود الثلاثة يجلسون القرفصاء والخوف بادٍ على ملامحهم، الغرفة التي نحن فيها هي بيت الدرج، بجانبها غرفة صغيرة لها شباك مطلي بالأسود، الدرج يصعد للأعلى وبجانب الدرج باب حديدي آخر لم أدر إلى أين يذهب.
نظرت إلى الجنود وقلت: أنتم بخير؟ في أحد مصاب؟
ردوا فرادى: لا سيدي...
قلت: الحمد لله، نقعد الليلة هنا والصباح رباح. بدا الإرتياح والموافقة على وجوههم جميعاً..

مرّ بعض الوقت، الثواني بطيئةٌ جدا في الليل، صوت رشقات الرصاص لم ينقطع، يبعد ويقترب ولكن لم يتوقف..
بدأنا نسمع صوتا يصدر من خلف الباب الحديدي بجانب الدرج، لم نميّز الصوت الخافت، لكنّنا ميزنا الخوف يعلو وجوهنا بعد أن كنا قد بدأنا نشعر بشيء من الطمأنينة... صار الصوت أوضح، صوت أنين وهمهمات لم نميز ما تكون...
قلت لرفاقي: ما الرأي؟ قالوا نوجهّ بنادقنا إلى الباب، إن خرج أحد قتلناه، وإلّا نبقى إلى الصباح ونرحل! قلت: لا، يجب أن نعرف ماذا خلف الباب.. وبعد قليل  قررنا أن ندفع الباب.
قلت لهم أنا أدفع الباب، إن خرجت رصاصة واحدة ألقوا كلّ ما بجعبتكم من موت حتى وإن قتلتموني...
الخوف شيء عجيب، يدفعنا إلى أشياء لا يمكن تخيلها....

اقتربت من الباب ببطء، أعدت النظر إلى بندقيتي وكنت كمن يرجوها أن تحميني، نظرت خلفي فرأيت الجنود متأهبين ممسكين بأسلحتهم، أحسست أن خوفهم مما سيحدث قد يسبق أي موت قد يأتي من وراء الباب، سرت قشعريرة في ظهري وشعرت ببرودة شديدة. دفعت الباب ببطء بفوهة بندقيتي، كان هناك درج صغير وعتمة قاتمة، صحت بصوت عالٍ حاولت أن لا يظهر خوفي فيه: من هناك؟
جاءني الرد سريعاً بصوت نسائي : مدنيون، مدنيون...
أحسست ان خوفهم أكبر من خوفي فشعرت بالطمأنينة. أومأتُ للجنود خلفي مطمئنًا لهم، نزلت درجتين وأعدت السؤال ولكن بصوت أقوى خالٍ من الخوف: من هناك؟

لم يكن معي من ضوء إلا القداحة، أشعلتها باليسرى ويمناي لا زالت تمسك بالبندقية. بدأت أستبين ملامح الغرفة ومن فيها، الغرفة لا تزيد عن ثلاثة أمتار طولا بمترين عرضا، سقفها منخفض ولا شباك لها.. أربعة نسوة جلسن على حصير رقيق ملتصقات ببعضهن وبالجدار، لمبة كاز وقلة ماء إلى جانبهم ولا شيء آخر...
قلت: في رجال في البيت؟ جاء الرد سريعاً : لا، ما في...
كان ضوء القداحة الخافت يكفي لتتضح بعض ملامح النساء، امرأة كبيرة في العمر، صبيتان وطفلة.. قالت إحدى الصبيتين:  الرجال راحوا من يومين ونحن هنا ما تحركنا...
قلت: عليكم الله وأمان الله، أنتم خليكم هون، ونحن قاعدين فوق والصبح نرحل...
لم يقلنّ شيئا، ولم أتوقع أن يقلنّ شيئا، ففي الحرب والليل والموت كرم الضيافة ليس هو ما تبحث عنه، كل ما تريده هو الحياة...

عدت إلى جماعتي في الأعلى وقد سمعوا كل شيء، جلس كلٌّ منّا في زاوية صامتا يحلم بيوم آخر في هذه الدنيا .. استمرّت الثواني بمشيها البطيء، وازداد صوت الأنين القادم من القبو، لم يرغب أيا منّا بمعرفة ما يحدث، كان يكفينا همّنا.. صار الأنين صياحا يشقُّ صمت الليل ويعلو على صوت الرصاص.. صحت من مكاني : إيش في؟ جاءت إحدى الصبيتين وقالت وهي تبكي: بدنا داية!
صمتنا جميعًا للحظة دامت طويلاً، لم أدر إن كانت تسأل،  أم تطلب أم ماذا! قلت مستفسرا : نعم؟
قالت بصوت متحشرج: بدنا داية، أختي تلد، والأمور متعسّرة، بدنا داية!
قلت: هل تعرفين ماذا في الخارج؟ موت! كررت الكلمة وانا أمدّها: مووووت!
لم ترد...
نظرت إليها وقلت: إن شئت أن تذهبِي فافعلي! قالت: أنت رجل، وجيش، وتعرف تدبر حالك!
قلت لها بحزم: يا خيتي أنا في هالليل ما أطلع!
ردت علي بحزم أكثر، والدمع يملأ عينيها: إذاً، إنزل وطخها، خليها ترتاح... أمّا هيك حرام، والله حرام...
صمتُّ قليلاً  ثم قلت : لا حول ولا قوة إلا بالله...وأين هذه الداية؟
قالت : شارعين من هنا..
قلت: أنا من الجيش الأردني، ويمكن الداية ما ترضى تيجي معي، وانا يجوز ما اندّل، إبعثِي معي البنت الصغيرة وإن شاء الله ما يصير إلا الخير..

وقفت عند الباب للحظات، التفتُ إلى الطفلة التي لم تتجاوز العاشرة وقلت لها: عمو تركضي معي؟ فهزت رأسها موافقة...
خرجت من البيت والتفتُّ يسارا ونحن ملتصقين بجدران المباني. وصلنا نهاية الشارع وانحنينا باتجاه اليمين، كانت نزلة خفيفة، أدركت ذلك بعد أن قطعت بضعة أمتار.. سمعت صوت رشقات الرصاص تقترب نحونا، لم أميز إن كانت من الميم سيكستين ام كلاشنكوف، كلّ ما يتحرك هو هدف لايٍّ كان. ضممت الصغيرة تحت إبطي ورفعتها عن الأرض وبدأت بالجريان إلى نهاية النزلة وانعطفنا يسارا حسب ما وجهتني، كان الشارع مظلما وخاويا، خففت من ركضي حيث صار صوت الرصاص بعيداً. أشارت الصغيرة إلى أحد البيوت المعتمة بأنّه بيت الداية، صفقت الباب الحديدي بيدي فخرج صوت نسائي من الداخل: مين؟
قلت: الداية أم حسن هون؟
أطلت امرأة خمسينية من نافذة قريبة من الباب وشهقت: جيش أردني؟
قرّبت الصغيرة من النافذة وقلت: محتاجينك.. قالت الصغيرة: زوجة أخي تلد، يا خالتي منشان الله ساعديها!
تغيرت تعابير وجه الداية، فقد تعرفت على الصغيرة، قالت: هسع آجي...
انتظرنا بعض الوقت عند الباب، أمعنت النظر في البيوت المحيطة، شعرت بأنّ آلاف العيون تنظر إلي، قد تكون إحداها عين قنّاص، هل سأُقتل هنا ( قلت في نفسي) ؟
انطردت الهواجس من فكري حين خرجت إلينا الداية، كانت أعرض مني بأربع إلى خمس مرّات، لم أستطع ان أقاوم إبتسامة تسربت إلى فمي حين تخيلت نفسي أحملها تحت إبطي الآخر وأركض بها... قلت لها: هل تستطيعين الركض؟ ولم أكن بحاجة للجواب، لكنها قالت: لا، إنت أركض مع الصغيرة وأنا بدبر حالي...

عاودنا أدراجنا أنا والصغيرة، صعود المنحدر متجنبا الرصاص أصعب من نزوله، لكن لا بديل عن الحياة. مع كل خطوة أخطوها أسمع رشقات الرصاص، لا أدر إن كنت أنا المستهدف ام آخرين غيرنا على بعد أميال، لكن صوت الرصاص كان الشيء الوحيد في ذلك الليل الذي يمكن سماعه.
وصلنا البيت ودخلنا سريعا، مرّت بضع لحظات حتى انتبهت أنني لا زلت أحمل الصغيرة تحت إبطي،أنزلتها مبتسما وقلت : الداية في الطريق. مرّت دقائق طويلة، بدأت أتخيّل الداية قابعة على المنحدر، بضع رصاصات اخترقت جسدها، تنزف ببطء كل ما بها من حياة، وقطع تشاؤمي طرق على الباب، كانت الداية..
نزلت إلى القبو وثم خرجت الصبية وقالت: ممكن تجيب البابور وشوية أغراض من فوق؟
وبسرعة صعدت الدرجات إلى الطابق الأول وبدأت أبحث عن طلبها، كان ضوء القمر خافتا لكن كافيا لاتبيّن بعض ملامح المكان، تساءلت إن كان القمر يدري بما يجري في عمان!
أنزلت الأشياء للقبو وناولتها للداية وعدت إلى رفاقي في بيت الدرج. بعد قليل سمعنا بكاء الوليد الجديد، تبادلنا الإبتسامات والضحك مهنئين بعضنا البعض..
جميلة هي الحياة في إصرارها على الاستمرار برغم كل ما حولنا من موت...
خرجت الداية إلينا وقالت: في معكم أكل؟
نظرنا إلى بعض ثم قلت: والله صار لنا يومين ما ذقنا الزاد!
قالت: الوالدة بدها أكل، عشان ترضع وعشان تعوض، او تموت هي ووليدها..
قلت: ما في  أكل في البيت؟
نظرت إليّ مستغربة سؤالي ولسان حالها يقول انظر حولك!
قلت: ما الرأي؟
قالت: هناك محل دجاج ليس بعيد من هنا مغلق من أيام ، لا بد أنّ فيه بعض الدجاج الحي!
لم أناقش، قلت لها صفِ لي الطريق..

اتجهت مع أحد العسكر إلى خارج البيت، اتجهنا يميناً وسرنا إلى آخر الشارع، ثم انعطفنا يسارا  وأسرعنا بالركض ونحن ننزل في الشارع الترابي، بعد مسافة قصيرة تعرفنا على المحل كما وصفته لنا، خلعت القفل الحديدي لأجد أقفاص الدجاج تصطف إلى جانب الحائط. كانت الرائحة الكريهة تشير إلى أن الكثير من الدجاج قد فطس في هذه الأقفاص.. بدأنا نبحث عن الدجاج الذي نجا من الرصاص والجوع لنقتله نحن، كنت اناول رفيقي الدجاجة فيفصل رأسها عن جسدها ويرميها على الأرض لتنزف. وجدت سبع او ثمان دجاجات، لم يكن لدينا كثير وقت لانتظار تصفية الدّماء. حملنا الدجاج وهو ينزف وركضنا عائدون إلى البيت. ناولناهم الدجاج وبعد قريب الساعة أرسلنّ الينا بعض قطع الدجاج، مسلوق، لا يزال غالب ريشه عليه، ولا ملح أو بهار أو خبز، رغم هذا كان ألذ طعام تناولته في حياتي..
مع اقتراب الصبح جاءت المرأة المسنّة وقالت لنا: يا أولادي، قد يأتي الفدائية إلى هنا خلال النهار، وقد لا نستطيع حمايتكم!
قلت: نحن سنتحرك مع أول النهار..
قالت لي ما أسمك؟
قلت: محمد عمر...
قالت: كنتي انجبت ولدا، وسنسميه "محمد عمر"....


ساد صمت عجيب في المضافة، أكثر من عشرين شخصا ولا تكاد تسمع شيء، حتى أنفاسهم مكتومة، كأنهم مختبؤن من الرصاص والموت مع محمد عمر..

مد ابوخالد رجليه أمامه، نظر إلى كل من في المضافة، وشاهد العيون مغرورقة بالدموع، صمت قليلاً ثم تابع:

مع أول النهار سرت مع العساكر إلى جبل عمان ومن هناك اتجهنا إلى القصور، كانت الطريق من وسط البلد أقرب لكن كلها موت...
أمضيت سنوات طويلة في الجيش، وبعد تقاعدي عملت مع شركة مواد تموينية، أوصل البضائع إلى المحلات. في أحد الأيام وجدت نفسي أُوصل طلبية إلى حي نزال، أوقفت الحافلة على جانب الرصيف وبدأ العمال ينزلون الحمولة. أشعلت سيجارتي ووقفت أراقب العمل وشعرت أني غبت عن الوعي، لقد كنت أقف أمام محل الدجاج الذي كسرت قفله قبل عقدين من الزمن..

تحشرج صوت ابو خالد وهو يروي القصة، مسح دمعة ندت من عينيه بطرف غطرته، تنحنح لينظف حنجرته وتابع:

سقطت سيجارتي من يدي، بدأت أتصبّب عرقا  وبشكل لا إرادي صرت أتتبع خطواتي في تلك الليلة. وصلت إلى ذلك البيت، لا يزال الباب الحديدي كما هو لكن لا أثر للرصاص... صفقت الباب بيدي، أطلت إمرأة من خلف الباب، قلت: هذا بيت أم فؤاد؟ صمتت المرأة للحظات ثم تمتمت: نعم! قلت ممكن أشوفها؟ قالت تفضل...
دخلت من الحوش ومررت بجانب بيت الدرج ومن ثم إلى الغرفة التي كان شباكها مطليا بالسواد. كانت فسيحة جدا  وضوء النهار يملؤها.. جلست على أريكة مريحة ودخل رجل يقربني عمرا إلى  الغرفة، سلّم علي مُرحبّا وجلس.
قلت له متأتاً:
انا أمضيت ليلة في هذا البيت قبل أكثر من عشرين سنة، أنا اسمي محمد عمر ورويت له ما جرى في ذلك اليوم!
قام الرجل من مكانه وبدأ يقبل وجهي وجبيني والدموع تقطر من عينيه.. اجتمعت بعض النساء عند الباب يستطلعن ما يحدث. نظر نحو الباب وقال لهم بصوت متعثر: هذا العسكري، هذا محمد عمر... بدأت عدوى البكاء تنتشر في البيت،  صاح بأعلى صوته : يا محمد، يا محمد... دخل شاب يفوقني بنية إلى الغرفة مستفسرا: نعم، نعم يابا؟
قال لي وهو يحتضني: هذا محمد عمر، وأنا أبوه وهذه - وأشار نحو الباب إلى امرأة جاثية تنتحب- وهذه أمه...

تذكرّت تلك الليلة، فرحتنا جميعاً بالمولود، وكيف أن القدر جمعنا لنعين بعضنا، لا لنقتل...

أيلول قد يكون أسود كما تقولون، ونعم أيلول لا زال  جرحا غائرا، حزنا قديما، أو أيّ مسمى مما تدعون؛ لكن الذي أذكره من أيلول هو ذلك الخيط الأبيض..


أحمد بكر

Sunday 25 September 2016

الله... هل أخافه أم أحبه؟

هل أخافه، أم أحبه؟

أحمد بكر

في كل مقام أجد من يقف ليعظ الناس ويذكرهم بالله، وغالب المواعظ تذكير بالموت، وبالقبر والحساب. ودائما أرى أن الوعاظ ينتهجون نصيحة الإمام الجوزي الذي قال : أثر الموعظة في القلب كأثر السياط في البدن، كلما كانت أقوى وأشد دامت أكثر.
وكلامه صحيح، لكنه ناقص. فالله عز وجل حين نصح في كتابه كانت أغلب الآيات القرآنية تأتي تحت قوله تعالى في سورة الزمر(23): {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
مثاني، اي كلما ذكر الله عذابه اتبعه بذكر سعة رحمته و عظيم كرمه وجمال جنته. وللأسف معظم الدعاة والوعاظ لا يتحدثون إلا عن "{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر : 50] ناسين او متناسين الآية التي سبقت { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر : 49]...
أقول وفي عجالة:
الله، رب العالمين، الرحمن الرحيم، هو سبحانه مالك يوم الدين، وبيده وحده حساب العباد وجزاءهم. وانه سبحانه وتعالى وضّح لنا هذا في سورة الفاتحة التي نقرأها كل ركعة وقال عز من قائل:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. اقرأها وتفكّر، هل لامست قلبك سعة رحتمه؟ هل إطمئننت ليوم لقائه؟ يوم تلقى ملك يوم الدين، الرحمن الرحيم...
وقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر:
{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}
اللهم لك الحمد على سعة رحمتك يا من تغفر الذنوب جميعاً.. فلا تيأس ولا تقنط، ولا تخف...
وحدثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن رجلا دخل الجنة بجذع شجرة اماطه عن الطريق، وبغي من بني إسرائيل سقت كلبا فغفر الله لها، وان من قال لا إله إلا الله دخل الجنة.

وان تكاثرت ذنوبك وصعبت  عليك التوبة فلا تخفه، بل احببه..
وان تعلق قلبك بالدنيا ووجدت نفسك مقصرا في حقه تعالى، فلا تخفه بل احببه..
وان شككت في الله وفي قدرته على عونك ونصر أمته، فأيقن أنه معك يسمع ويرى، ولا تخفه، بل احببه...
وان ادبرت عنه  ومن ثم عدت فهو سبحانه أفرح بعودتك من رجل أضاع بعيره في الصحراء وعليه زاده وزواده ثم وجده.. فلا تخفه، بل احببه..
وان انت تقربت إليه شبرا، تقرب اليك ذراعا، وان أتيته مشيا اتاك هرولة. فلا تخفه، بل احببه...
واعلم أنك إن أحببته، أحبك، فكان سمعك وبصرك ويدك... وإن أحببته وأحبك، فلا شك انك ستخاف أن تُغضب حبيبك، وما خوفك منه إلا من حبك له...

وأختم بهذه الأبيات التي تنسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قالها يوصي أولاده:
واعْبُدْ إلَهَكَ ذا الـمَعارِجِ مخلصـا *********** وانْصُتْ إلى الأَمْثَالِ فِيْمَا تُضْـرَبُ 

وإذا مَرَرْتَ بِآيَةٍ وَعْظِيَّـةٍ تَصِـفُ *********** العَذَابَ فَقِفْ ودَمْعُـك يُسْكَـبُ 

يا مَنْ يُعَذِّبُ مَـنْ يَشَـاءُ بِعَدْلِـه *********** لا تَرْمِنـي بَيْـن الَّذيـن تُعَـذِّبُ 

إِنِّـي أبـوءُ بِعَثْرَتِـي وَخَطِيْئَتِـي *********** هَرَبا إِلَيْكَ وَلَيْس دُوْنَـكَ مَهْـرَبُ 

وإذا مَـرَرْتَ بـآيَـةٍ في ذِكْرِهـا *********** وَصْفُ الوَسِيْلَةِ والنعيـمُ المُعْجِـبُ 

فاسألْ إِلَهَـكَ بالإنابَـةِ مُخْلِصـا *********** دَارَ الخُلُودِ سُـؤَالَ مَـنْ يَتَقَـرَّبُ 

واجْهَدْ لَعَلَّكَ أنْ تَحِـلَّ بأَرضِـهَا *********** وَتَنَالَ رُوْحَ مَساكِـنٍ لا تُخْـرَبُ 

وتنال عَيْشـا لا انقِطَـاعَ لوَقْتِـهِ *********** وَتَنَـالَ مُلْكَ كَرَامَـةٍ لاَ تُسْلَـبُ 

Wednesday 29 June 2016

Should Jeremy Corbyn leave?




I have joined Labour after the election of Jeremy Corby. I believed it is a new era, new politics and change is possible. I have always admired Jeremy because he is a man with strong conviction and he does not change with the tide. Now, I think he should resign.

His first few months in office were turbulent, full of controversies and plots from his backbench to undermine him. And although I was angry with many of the Labour MPs, but was equally angry with his absence from the scene, as if he was still same old rebel sitting on the backbench. I once confronted my MP on the lack of support Mr Corbyn was getting from his own party, she said that he voted against the party 500 times, he cannot now ask people to be loyal when he never was. I know that many of things he voted against were morally right, like the Iraq war, but still 500 times is a lot of disagreement, I was surprised why he stayed with Labour.

I know that many have been quoting Jeremy’s absence and lack of conviction during the EU referendum. He was against the EU during his leadership campaign and the Leave campaign were using his speeches to advocate Leave. When he eventually showed up to support Remain, he was reading from a paper, he did not even bother to remember why he was there!

The Scottish Labour party is at lowest point, and although we have a progressive left wing Labour leader, he was not appealing to the Scottish people to regain Labour seats in the Scottish Parliament and Labour defeats in Scotland continued.

It is important to remember that to be effective opposition, not just oppose the government, but you must be able to win votes. Jeremy Corbyn is widely supported by the young and the left, which neither of these two groups vote! And although 250,000 voted for Corbyn for leader, this is a very minute number when it comes to general elections.

Jeremy Corbyn is a very nice person, a man with strong moral compass who does what he believes is right, regardless of any self-interests, but does that makes him a good leader? In Islamic history, Abu Thar; one of the very first believers in Prophet Mohammad -peace be upon him- asked the prophet to make him a governor of a province, the Prophet replied: You are weak, and this is a big responsibility. In other words, being faithful, trustworthy, and a good person, does not mean you have the abilities or qualifications to lead.

No one doubts Jeremy’s good intentions and the great person he is, but he lacks charisma, confidence, and most importantly: ability to unite the party. As the “blue on blue” battle goes on, Labour, and us, the people have a golden opportunity to remove this Tory government and win the election, but instead of standing firm and united, some in the party are willing to split the party rather than give in and admit failure. 

Mr Corbyn, I really love, but I have to put the interests of millions of people first, and for that I think it is time to you to go. You have always been a good person, it is now your chance to leave with a legacy that you put the party before yourself, and vote for the party.



Ahmad Baker

Sunday 26 June 2016

The EU referendum results, a short comment




The last few days have been quite upsetting. It is not the winning of Leave campaign, but the fear and  bigotry from the remain campaign.

I have voted Remain, and although I strongly believe that the EU is not fit for purpose but I feel Remaining in has more positive impact than Leaving it.

More than 17 million people voted to Leave the EU, and regardless of percentages, 17 million is a very large number. And in percentage that is a huge proportion of the British public. To say that those who have voted Leave are racist, xenophobic, uneducated, or any other label or stereotyping is in itself racist.

For a start, I have many friends and colleagues who voted Leave, and I am certain that they do not have a racist bone in their bodies. I know their motives, which without going into details, I agree with most of it, but I see a different approach to address these issues. And I think a good proportion of those who voted to leave were motivated by the same reasons.

 

Immigration, is the main reason why many people voted Leave. I am an immigrant and I do not think having anti- immigration views mean you are racist. I know for sure that 52% of British people are not racist. I have lived in the UK for over 15 years and know that the British people are tolerant and open to diversity, unlike most of the European countries we share the EU with.

 

I advocate immigration and its positive impact on the society and the economy, and it is worth noting that although net migration is at its highest, unemployment is at its lowest, so migrants are needed to run the country. But I cannot turn a blind eye to changes of demographics and strains on public sector services (that is more due to lack of investment not immigration) and pretending there is no problem, or supressing these valid concerns is wrong.

In Arabic we have a saying: if two people tell you your head is not where it should be, you should check it out! So when millions (let us say at least 12 out of the 17) say we have a problem with immigration, they should be listened to.

After every referendum anywhere in the world a strong sense of nationalism and national pride emerges. Which is not necessarily a bad thing, but given the circumstances that preceded the referendum, specifically the gruesome  and shocking killing of Jo Cox, you can sense that the nationalism in certain and limited sectors of the society has reached fascism and this is bad, dangerous, and very worrying. The bigotry and repulsive lies form some of the politicians have escalated a feeling of hatred towards “those bloody foreigners” taking over “our" country, and democratically,  the referendum was a chance to regain “our independence”. Luckily, they have won the referendum, and they can now be proven wrong and they can no longer feed on these feelings of oppression.

 

I cannot deny that I am slightly sadden by the outcome because we will suffer for next few years- economically. But I am happy with the outcome because despite the economic costs, it will expose those who have been exploiting many of the peoples genuine concerns for their own benefits. I can see the feeling are running high, sense of euphoria and sense of depression.

 

The United Kingdom belongs to its citizens, regardless of their race, faith or political views. This division in society is sad but it shows that we care about this country and we want the best for the country, for us, and the generations to come. So I hope peoples’ interest in politics is not temporary, and the believe that we can make a change through our democratic processes is stronger than ever.

Finally, let us think of what unites us, what makes us stronger and

Bring me my bow of burning gold:
Bring me my arrows of desire:
Bring me my spear: O clouds unfold!
Bring me my chariot of fire.

I will not cease from mental fight,
Nor shall my sword sleep in my hand
Till we have built Jerusalem
In England's green and pleasant land.

 (William Blake: Jerusalem)

Saturday 28 May 2016

an afternoon coffee







Angry?  who’s making you angry?


-what, not who!


Ok, what’s making you angry?


-me…


You? So it is who, not what!


-no, it is what, what I am, what I became, what me is all about!


You mean your failure, or shall I say failures?


-thanks for the support!


Well, before giving you any support, I need to understand, or may I say, diagnose the problem first.


-ya, you are right, my failures, sssssss, is what making me angry.


Are you angry because of failing, or because you failed?


-what do you mean?


I mean, ok, for example, let us say your failure in achieving post graduate studies, lead you to the work you are doing now, so failing is the studying part, and your failure is your current job, income and life!


-I think it is the other way round, failing is the outcome, failure is the studying part!


No, definitely not.. do not let the grammar deceive you.. failing already happened, your failure is the continuous outcome..


-no, the grammar is there to make sense of words, the use of ing refers to continuous present!


Regardless,  that is not the point


-sure, but how can I answer a question if you can’t ask it?


Oh, you are just being pedantic..


-it is now my fault?


Well, I am trying to help, and all you are concerned about is the grammar!


-I did not ask your help!


You did


-you asked me what’s wrong, and I answered


I always ask you what’s wrong and you always say: nothing


-and you are never happy with that, are you?


Because clearly there is something!


-yes there is, and when I try to tell you all you want to talk about is the grammar


You are the one who brought the grammar up, with your use of ING, like if I was in English class at the primary school


-I was explaining to you the proper use, because you asked me a question


And did you care to answer the question, of course not


-I don’t know how to talk with you anymore


Because you do not want to talk to me anymore


-no, because whenever I am trying to talk to you about anything we end up arguing about something else


Well you never say anything if I do not ask, and when I ask you, you either say nothing, or lead the conversation into an argument


-….


That’s what you are good at, silence


-if I talk I get shut up, and when I shut up you get angry because I shut up


I never shut you up, and I am not angry, you are angry


-no, I am not angry


You said you were angry, with yourself, now we are both angry with you, or because of you


-......


….


-…




-do you want anything from the kitchen?