Sunday 25 September 2016

الله... هل أخافه أم أحبه؟

هل أخافه، أم أحبه؟

أحمد بكر

في كل مقام أجد من يقف ليعظ الناس ويذكرهم بالله، وغالب المواعظ تذكير بالموت، وبالقبر والحساب. ودائما أرى أن الوعاظ ينتهجون نصيحة الإمام الجوزي الذي قال : أثر الموعظة في القلب كأثر السياط في البدن، كلما كانت أقوى وأشد دامت أكثر.
وكلامه صحيح، لكنه ناقص. فالله عز وجل حين نصح في كتابه كانت أغلب الآيات القرآنية تأتي تحت قوله تعالى في سورة الزمر(23): {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
مثاني، اي كلما ذكر الله عذابه اتبعه بذكر سعة رحمته و عظيم كرمه وجمال جنته. وللأسف معظم الدعاة والوعاظ لا يتحدثون إلا عن "{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر : 50] ناسين او متناسين الآية التي سبقت { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الحجر : 49]...
أقول وفي عجالة:
الله، رب العالمين، الرحمن الرحيم، هو سبحانه مالك يوم الدين، وبيده وحده حساب العباد وجزاءهم. وانه سبحانه وتعالى وضّح لنا هذا في سورة الفاتحة التي نقرأها كل ركعة وقال عز من قائل:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين. اقرأها وتفكّر، هل لامست قلبك سعة رحتمه؟ هل إطمئننت ليوم لقائه؟ يوم تلقى ملك يوم الدين، الرحمن الرحيم...
وقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر:
{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}
اللهم لك الحمد على سعة رحمتك يا من تغفر الذنوب جميعاً.. فلا تيأس ولا تقنط، ولا تخف...
وحدثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن رجلا دخل الجنة بجذع شجرة اماطه عن الطريق، وبغي من بني إسرائيل سقت كلبا فغفر الله لها، وان من قال لا إله إلا الله دخل الجنة.

وان تكاثرت ذنوبك وصعبت  عليك التوبة فلا تخفه، بل احببه..
وان تعلق قلبك بالدنيا ووجدت نفسك مقصرا في حقه تعالى، فلا تخفه بل احببه..
وان شككت في الله وفي قدرته على عونك ونصر أمته، فأيقن أنه معك يسمع ويرى، ولا تخفه، بل احببه...
وان ادبرت عنه  ومن ثم عدت فهو سبحانه أفرح بعودتك من رجل أضاع بعيره في الصحراء وعليه زاده وزواده ثم وجده.. فلا تخفه، بل احببه..
وان انت تقربت إليه شبرا، تقرب اليك ذراعا، وان أتيته مشيا اتاك هرولة. فلا تخفه، بل احببه...
واعلم أنك إن أحببته، أحبك، فكان سمعك وبصرك ويدك... وإن أحببته وأحبك، فلا شك انك ستخاف أن تُغضب حبيبك، وما خوفك منه إلا من حبك له...

وأختم بهذه الأبيات التي تنسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قالها يوصي أولاده:
واعْبُدْ إلَهَكَ ذا الـمَعارِجِ مخلصـا *********** وانْصُتْ إلى الأَمْثَالِ فِيْمَا تُضْـرَبُ 

وإذا مَرَرْتَ بِآيَةٍ وَعْظِيَّـةٍ تَصِـفُ *********** العَذَابَ فَقِفْ ودَمْعُـك يُسْكَـبُ 

يا مَنْ يُعَذِّبُ مَـنْ يَشَـاءُ بِعَدْلِـه *********** لا تَرْمِنـي بَيْـن الَّذيـن تُعَـذِّبُ 

إِنِّـي أبـوءُ بِعَثْرَتِـي وَخَطِيْئَتِـي *********** هَرَبا إِلَيْكَ وَلَيْس دُوْنَـكَ مَهْـرَبُ 

وإذا مَـرَرْتَ بـآيَـةٍ في ذِكْرِهـا *********** وَصْفُ الوَسِيْلَةِ والنعيـمُ المُعْجِـبُ 

فاسألْ إِلَهَـكَ بالإنابَـةِ مُخْلِصـا *********** دَارَ الخُلُودِ سُـؤَالَ مَـنْ يَتَقَـرَّبُ 

واجْهَدْ لَعَلَّكَ أنْ تَحِـلَّ بأَرضِـهَا *********** وَتَنَالَ رُوْحَ مَساكِـنٍ لا تُخْـرَبُ 

وتنال عَيْشـا لا انقِطَـاعَ لوَقْتِـهِ *********** وَتَنَـالَ مُلْكَ كَرَامَـةٍ لاَ تُسْلَـبُ 

No comments:

Post a Comment