Sunday 11 June 2023

عن النثر والشعر

بين النثر والشعر..
قلة من الأدباء استطاعت أن تجمع بين الرواية والشعر، فالفرق بين الإثنين كما الليل والنهار، وأن تكون مبدعاً في النهار يعني أنك لن تكون من أصحاب الليل.

في الشعر تجد الشاعر يُطلق العنان لقلبه، فتتدحرج الكلمات وتتدفق كحمم البراكين. تختلط الآمال بالذكريات لتسكن بيوت القصيد وترسم صورة تكفي حين ترى طرفها أن تعيشها كلها. فكلمات القصيدة مثل إشارات الطرق، تلمحها سريعاً فتعرف ماذا تعني، رموز وإشارات، مع كلمة أو إثنتين، ونحن نكمل البقية : في قلوبنا، في عقولنا، وفي ومن دموعنا.


يكتب الصحافيون و الأدباء والمتشدقون مقالات مطولة عن أخطاء الثورة، وعن شيطنة الثوار، وعن فضائل الصمت والخنوع. إختصر أمل دنقل الرد على هذا وأكثر فقال:
المجد للشيطان 
معبود الرياح
من قال: لا
في وجه من قالوا نعم... 

حين أراد محمود درويش أن يتحدث عن مرور شهر رمضان وحلول العيد والفلسطينين محاصرين في بيروت، اكتفى بالقول:
قمر ٌ غبي ٌ مَرَّ فوق الحرب ِ
لم يركبْ له الأطفالُ خيلا

كلما مررت بهذا المقطع من القصيدة تعود بي الذكريات إلى ذلك العيد، لن نلبس ثياباً جديدة وإكتفينا على الغداء يومها بقلاية بندروة، والدي محاصر هناك، ولم نسمع عنه أو منه خبراً لنعرف إن كان لا يزال غارساً كلاشينكوفه على كتفه، أما أنه استبدله بزهور شقائق النعمان. 

في مدن الملح أفرد عبد الرحمن منيف حوالي العشرين صفحة وهو يتحدث عن جمال ووحشة الصحراء في عيني متعب الهذال، هذا الجمال السحري الذي بدأ يغزوه النفط فسرق نقاؤه ولوّث مجده. ما سرده منيف في كل هذه الصفحات اختصره السياب في قصيدة يقول فيها:
قرأت اسمي على صخرة

هنا في وحشة الصحراء

على آجرّة حمراء

على قبر فكيف يحس إنسان يرى قبره

يراه و إنه ليحار فيه

أحيّ هو أم ميت؟ فما يكفيه

أن يلقى له ظلا على الرمال

كمئذنة معفّرة

كمقبرة

كمجد زال.... 


هذه المقدمة الطويلة إحتجت لها أولاً لعجزي عن كتابة الشعر، وثانياً لأني أردت ان أكتب عن شاعر روائي أبدع في النثر والشعر، إبراهيم نصرالله. أقرأ له الآن رواية أرواح كلمنجارو، وللحديث بقية... 

أحمد بكر



1 comment: