Wednesday 27 February 2013

الثورة السورية- سنتان


لو كنت أعلم خاتمتي، هل كنت بدأت؟


مع اقتراب الذكرى الثانية لانطلاقة الثورة السورية يتسأل الكثيرون -وهم محقون في تساؤلهم- لو علم السوريون حجم الخسائر من قتل ونفي وتدمير هل كانوا سيخرجون في ثورتهم؟ لو عاد بنا الزمان مرة أخرى فهل كنا سنخرج في ثورتنا مرة أخرى؟

الثورة السورية ليست أول ثورة في التاريخ، ولن تكون الاخيرة. وكثير من الثورات على الظلم والطغاة لم يُكتب لها النجاح, وكثير أخر منها دفع ثمناً باهظاً للنصر. اسمحوا لي ان أرتحل معكم الى مكان ما في التاريخ لنرى هل كان هذا السؤال مطروحا في أكبر ثورة في تاريخنا؟
في ليلة قمرية والبدر ابن سبع عشرة ليلة, من الممكن انه قد جلس أحدهم متفكرا: غداً صراعٌ أخر وقد أُقتل، ها نحن الان نقف بعد خمسة عشر عاما من بداية الثورة وماذا جنينا حتى الان؟ فنحن مُهجّرين مطرودين من بلدنا، ولم يكن حالنا بالجيد في بلدنا، أخر ثلاث سنوات قضيناها محاصرين وممنوعين من كل شيء، والجوع كان حليفنا الوحيد. كم قُتل منا؟ أنظر الى عمار وقد فقد ابواه امام عينيه، وعثمان فقد عينه من التعذيب، وخباب حُرق ظهره، وبلال وما أدراك ما ناله من التنكيل والتعذيب! لاجئون نحن وللمرة الثانية، خسرنا كل شيء، كل شيء تركناه في سبيل هذه الثورة، ورغم كل ذلك لم يبلغ عددنا بعد ثلاثة عشر عاما الا اليسير اليسير- ربما مئة- والان نحن ننتظر العدو ونحن من أضعف ما يكون.
أتراه سأل نفسه حينها قائلاً: هل كانت تستحق؟ لو عاد بنا الزمان الى الوراء فهل كنا سنخرج في ثورتنا مرة أخرى؟ لو عرفنا أننا سنقف هنا كأنما نُساق الى الوت سوقاً بعد كل هذه السنون: هل كنا سنخرج في ثورتنا/ دعوتنا؟ (الانفال أية 5-6)

لا أقول ان الثورة السورية هي في نبل وطهارة ومكانة دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا أقارن بينهما إلا لكي أعيد التساؤل إلى أصحابه قائلاً: لو عاد الزمان بنا الى الوراء فماذا سيختار السوريون؟ هل سيتوانوا عن الخروج في الثورة، ربما كان إقبالهم عليها أكثر لما روأوه من وحشية الاسد وتخاذل العالم, فلا أظنهم كانوا سينتظرون الموت حتى يصل قراهم ومدنهم كما الان!

 لست مخولاً للحديث باسم السوريين، ولكن كفلسطيني وبعد ما يزيد عن الستين سنة من التهجير والتشريد والتضييع في البلاد قطعة قطعة أقول: 
لو عاد الزمان بنا الى 1947، فهل سنقبل بقرار التقسيم، ولو عدنا الى الرابع من حزيران 1967 فهل سنقبل ونعترف بدولة اسرائيل ولو عاد بنا الزمان الى اي نقطة: فلن أقول الا فلسطين من البحر الى النهر وثورة حتى النصر.

الثورة لا زالت فتية وسنتان في عمر الشعوب لا شيء، ونجاح أي ثورة لا يُقاس بالدمار والقتل والتهجير الذي حصل، نجاح الثورة هو في ذاتها، هو في أنها حدثت!



أشلاءنا أسماءنا... حاصر حصارك بالجنون بالجنون... لا أحد إلاك... في هذا المدى المفتوح




Monday 25 February 2013

في ذكرى الثورة التونسية


انا اللي حرقت البوعزيزي




دخلت السوق وبدأت أتفحص وجوه الباعة، لم يكن هناك ما يميزه فأنا لم أره قبلها. انتبهت الى صراخه وهو يُجادل الشرطية، صَفَعتْه بشدة وسارت في طريقها الى مبنى البلدية. نظرت الى جيبي فلمحت الدولارات فيه فابتسمت وازددت إصرارا، اتجهت اليه وهو يبكي وينتحب بشدة.
وضعت يدي على كتفه، ضممته برفق وهمست في أذنه: لا تسكت، ولعها! نظر الي واجما وأدركت انه لم يفهم، فأنا لا أجيد اللهجة التونسية، فأعدت ما قلت وناولته قنينة البنزين التي كانت في يدي،
قال لي متسائلاً: ويش نسوي بيها؟
قلت: حريقة، نار، ولع!
لم تذهب علامات الدهشة عن وجهه فأخذت القنينة وأفرغت محتوياته عليه وأشعلت عود الثقاب وإبتعدت لأتمكن من التصوير. وباقي القصة كما تعرفون!
ابتسم المحقق ولم يحاول أن يخفي فرحه بالانتصار وصرخ قائلاً: يخرب بيتكم قتلت الرجل وخربتوا البلاد كلها من شان شوية دولارات! نظر بعدها الى مساعديه وقال: نزلوه من السقف!
قال للكاتب: تأكد إنه وقّع على أقواله وإبعثهم للجرايد خليهم كلهم يعرفوا شو اللي صار!
وضعوني على الارض وبدأ جسدي بالتهالك ولم أستطع الوقوف. كان المحقق قد همّ بالخروج فناديته على عجل: سيدي شو بالنسبة للموافقة؟
-أي موافقة؟
-موافقة على إصدار جواز السفر؟ ما أنا عشان هيك أصلا إجيت هون؟
....................................
هذه القصة لم تحدث(على ما أظن)، ولكني أكاد أجزم أنه في كل قصر رئاسي أو ملكي في شرق المتوسط هناك من ينام ويصحو وهو يحلم بالقبض على من أحرق البوعزيزي وتسبب بكل هذه الفوضى، فبلادهم وعبادهم يتنعمون بالسعادة ورضى رب البلد، والاهم لا يعرفون الثورات!



Tuesday 19 February 2013

يوميات مناضل عربي:




مناضل ١


 توجهت الى المطبخ، بدأت بإعداد قهوتي الصباحية على صوت فيروز. احب القهوة المرة ففيها اتذوق طعم معاناتنا وحنيننا الى الوطن. كنت اتفقد حسابي على الفيسبوك لاتابع الاخبار والاحداث، قرأت بسرعة الردود على موضوعٍ وضعته في وقت متأخر من الليلة الماضية عن حاجتنا الى اعادة احياء الفكر القومي ، استثارتني بعض الردود ممن اسميهم المثبطين والمشككين -او الاغبياء ان صح التعبير- الذين لا يريدون لهذه الامة ان تنتصر، وما اكثرهم! لم ارد فالوقت ضيق، على عجل شربت القهوة وخرجت الى موقف الباص متجها الى عملي، اشتريت الجريدة في الطريق وبدأت بتصفحها، لم يكن يعنيني كثيرا ما هو مكتوب فيها فكله كلام في كلام، ولكنها وسيلتي لاتجنب النظر الى الاخرين واتجنب نظرات الفضوليين. وصلت الى العمل جلست خلف مكتبي وبدأت افتح النت على المواقع الاخبارية والفيسبوك، كان الخبر الاول الذي قرأته عن سقوط قذيفة على بيت سكني وقتل كل من فيه، أم وستة ابناء احدهم لم يبلغ عمره الاسبوع وجدوه غارقا في دماءه في حضن امه، امتلئت حنقاً وحزناً، تباً لهم وتباً لكل المتخاذلين من هذه الامة، تباً لكم يا رؤوسائنا، تباً لكم يا شيوخ النفط، تباً لكم ايها المتخلفون اصحاب الدشاديش القصيرة واللحى الكثة، تباً لكم يا من تغوصون بنا في الوحل بدل ان نعلو في السماء، تخذلوننا وتخذلون هذا الرضيع... 



مناضل ٢

بدأت باعداد الشاي وانا استمع الى اذكار الصباح، رغم اني احفظها الا اني اجد متعة في سماعها صباحا وانا ابدأ يومي، ففيها أستشعر نعمة الصباح وحنيني الى أوطاننا. كنت اتفقد حسابي على الفيسبوك واتصفح الردود والتعليقات على موضوع وضعته مؤخرا عن مشروع النهضة الاسلامية واستثارتني بعض الالردود ممن اسميهم المثبطين والانكساريين -او الاغبياء احيانا- ممن لا يريدون لهذه الامة ان تنتصر، ويا لكثرتهم! لم ارد لضيق الوقت وعلى عجل شربت الشاي واتجهت الى العمل، ركبت الباص وبدأت بقراءة الجريدة رغم اني لا اتفق مع غالب كتابها ولكني الجأ للقراءة لاتجنب الفضوليين والمتفلسفين في وسائط النقل العام. وصلت مكتبي وبسرعة دخلت النت ومواقعي الاخبارية والفيسبوك،  كان الخبر الاول الذي قرأته عن سقوط قذيفة على بيت سكني وقتل كل من فيه، أم وستة ابناء احدهم لم يبلغ عمره الاسبوع وجدوه غارقا في دماءه في حضن امه، امتلئت حنقاً وحزناً، تباً لهم وتباً لكل المتخاذلين من هذه الامة، تباً لكم يا رؤوسائنا، تباً لكم يا شيوخ النفط، تباً لكم ايها المتحذلقون اصحاب الذقون الحليقة والكروش الممتلئة، تباً لكم يا من تغوصون بنا في الوحل بدل ان نعلو في السماء، تخذلوننا وتخذلون هذا الرضيع... 


الرضيع...

لم يبدأ النهار بعد، كنت اشعر بجوع شديد! وضعت فمي على صدر امي وبدأت اشرب الحليب، سمعت اصواتا عالية لم ادرِ ما هي، نفس الاصوات التي اسمعها منذ اسبوع ولكنها اليوم أقرب. شعرت بامي تقربني اليها حتى كادت تعتصرني. شعرت بثقلٍ غريب يسقط فوقنا، طعم الحليب اختلف واصبح ساخناً اكثر، لزجاً ولونه احمر، لم اعد اسمع  ..شيئاً...
ايها المناضلون العرب، سامحوني :لم استطع ان اقف في وجه الموت اكثر، لم استطع ان استمر في الحياة اكثر من اسبوع، لم استطع ان اناضل مثلكم؛ سامحوني فلقد خذلتكم.


أنا

مثلهم، مناضل حتى النخاع، سلاحي الفلسفة والكلام، شتم الاخرين والتسفيف من أفكارهم، أتحصن خلاف شاشة الكمبيوتر لاعلن صمودي، أتسلح بالهراء لأعلن إنتصاري على الاخرين، وحين يكون لدي فائض من وقت انظر في المرآة فلا أرى الا سواد، وصورة ذلك الطفل الرضيع




Saturday 9 February 2013

قرءانا عجبا


قرءاناً عجبا

تبدل العالم حولنا: من كان في القصر صار مسجونا، من كان يحكم بالخوف صار سجين الغربة والخوف، من كان الرئيس المهاب حتى بعد موته صار يسب وتُسجل اغاني تتندر به. تغير العالم حولنا وكاننا لم نعد نعيش في نفس العالم.


 لكن لم يتغير كل شيء، فاللغة كما هي، والخطاب هو هو، تغيرت وجوه الرؤساء ومن يملؤون القصور وربما تغيرت اشياء كثيرة اخرى لكنها لا تهم، فمن جاء الى الواجهة يصرخ كسلفه، ويتوعد كعدوه، ويُسفه كمن قبله، ويتهكم ويستقلل تماما كمن سبقه، ويعد بمستقبل افضل وحلم جميل وغد واعد كمن فعل سلفه.


اليس مستغربا ان من كان معارضا ودفع حياته وحريته ثمن رأيه اصبح بين ليلة وضحاها سلطانا متهماً معارضيه بالعمالة والخيانة، تهمٌ كانت توجه اليه نفسه. اليس مستغربا ان المتظاهرين في عصر الثورة كانوا من المدفوع لهم بالدولار وتجار المخدرات وحبوب الهلوسة، كانوا قلة لا يتجاوزن الالف، كانوا طائفيين عنصريين متشددين مدعومين من اعداء الوطن ومن الخارج، وبعد ان تحولت الثورة الى الدولة - او حتى في بعض الحالات لم تصل بعد- اصبح منتقدوا الدولة/ الثورة هم من المدفوع لهم بالدولار وتجار المخدرات وحبوب الهلوسة، قلة لا يتجاوزن الالف، طائفيين عنصريين متشددين مدعومين من اعداء الوطن ومن الخارج!؟!؟

عندما سمع الجنة القرأن ذهبوا الى قومهم مسرعين منذرين ومبشرين وكان اول ما قالوا : سمعنا قرءنا عجبا! قرءان عجيب ومختلف عمّا تعودنا سماعه من قبل من شعر ونثر واقوال العرب. اللغة هي العربية ولكن الخطاب مختلف، خطاب عجيب. 

لو جلسنا نستمع لخطاب او نقرأ خطبة لاحد دون ان نعرف من هو، هل لنا ان نعرف الى اي تيار يتنمي هذا الخطيب، اهو من ابناء الثورة ام من اعداءها؟ اهو خطاب عن احداث اليوم ام حديث احد الطغاة من العهد البائد؟!؟

انتصرت الثورة ام لم تنتصر، انكسر الطاغية ام لم ينكسر، اياً كان الحدث لا بد من تغير الخطاب....


Monday 4 February 2013

ابو جواد..




مربوع على خديه حمرة ظاهرة، اصلع وكأن رأسه لم يعرف الشعر يوما، له شارب كث ولحية قصيرة، صوته جهوري ومميز وكذلك ضحكته، هذا هو ابو جواد، كل اهل القرية يعرفونه فهو العميد- كما يسمي نفسه، والمختار كما يناديه الجميع.

ابو جواد رجل طيب القلب جدا، ومن يستمع له ويعاشره يدرك انه اقرب الى السذاجة منه الى الحكمة وهذا ما يعرفه الجميع. ولكن في النهاية هو المختار ولا احد يريد ان يختلف معه وخصوصا انه ممثل القرية في مجلس المحافظة وكلمته هناك لا تثنى. 

لا احديعرف كيف صار ابو جواد المختار، فالكل يقول انه لم يكن للقرية مختار قبل ابو جواد، ولا احد يعرف كيف اصبح ابو جواد عضوا في المحافظة وخصوصا انه لا يزور المدينة سوى مرة واحدة في السنة، ولكن لا احد يجرؤ على التشكيك في ابو جواد فهو ابن القرية وابوها واحرص الناس عليها، وهو سليط اللسان شديد الحرن ان اتهمه احد او لمزه احد او نازعه احد على السلطة.

وكما في كل قرية وكل مكان في العالم يوجد الطامعون في السلطة وقريتنا ليست استثناء. واكثر الطامعين في منصب المختار وان يصبح عضوا في المحافظة هو ابو اسماعين الصاحب الوفي والعدو اللدود لابي جواد. فهما دائما مع بعض وهما دائما يتلاسنان ويتشاجران ويسهران ويتزاوران فهما حقا الصديقين العدوين. وابو اسماعين لا يتوانى عن التنكيل بابي جواد في كل فرصة ويستمر في الغمز واللمز الى ان يشتد ابو جواد ويصرخ بتهديده المعتاد: ان اردت المخترة والمحافظة فعليك ان تقدم كما قدمت وان انت اخذتها فانا سارحل من هذه القرية الظالم اهلها!

كان هذا هو الحد الذي لا يتجاوزه ابو اسماعين وكان الجميع يصمتون ويبتسمون ويتبادلون النظرات بين اللوم لابي اسماعين والتهدئة لابي جواد.

سألت ابي في احدى المرات لماذا يتقاتلان باستمرار؟
قال لانهما يطمعان في المخترة والمجلس..
قلت و ماذا يفعل ابو جواد كمختار؟
فقال لا شيء!
 قلت وماذا عن عمله في مجلس المحافظة؟
قال لا يوجد مجلس! 
قلت كيف؟
تبسم وقال منذ سنتين وبعد نفاذ صبر الجميع من مجادلات ابو جواد من عدم الحاجة للمدرسة توجهنا انا وابو محمد وابو ابراهيم الى المدينة وطلبنا لقاء المحافظ، وقلنا انا نريد من المحافظة ان تفتح مدرسة في القرية فقال ما هي قريتكم قلنا شبة البرايكة. قال لا اعرفها! قلنا كيف وابو جواد ممثل القرية في مجلس المحافظة! فرد مستغربا: لا يوجد مجلس للمحافظة وانا لا اعرف منه ابو جواد هذا ولم اسمع يوما باسم قريتكم، هل انتم متأكدون انها في هذا البلد!
قلت: وهل يعرف ابو اسماعين ذلك؟
قال: نعم، وأبو جواد أيضا.
صمت ابي قليلا ونظر الي مبتسما وقال: رغم ذلك فانا لا اريد لابي اسماعين ان يصبح المختار او عضو المجلس المزعوم، فابو جواد افضل في عدم فعل اي شيء من ابي اسماعين.



اي تشابه في الشخصيات فهو محض صدفة مقصودة

Sunday 3 February 2013

ع هدير البوسطة


كم اعشق الصبح، شمسه الحنونة، نسماته الناعمة، رائحته، برده، هدوءه، وجوه الناس فيه، ولادة الحياة مع بدايته، كل شيء فيه اعشقه...
حين كنت في الجامعة كنت اغادر البيت في الخامسة والنصف صباحا، اقطع الطرق الخالية وصولا الى وسط البلد والشمس على وشك الصحو. الناس تمشي بكسل مخلوط بنشاط غريب. ابحث في الوجوه عن الابتسامة او عن ملامح الفرح، او اي شيء يبشر بالسعادة، فلا اجد؟!؟ وهل من يسابق الشمس في السعي الى رزقه يملك ثمن التبسم!
اركب الباص من العبدلي الى التكنولوجيا، الرحلة ساعة ونصف مليئة بالكسل والتثاؤب ومغالبة النوم والصحيان. الراديو يغني فيروز او يقرأ الاخبار، فالصبح حِكرٌ لهما ولمزاج السائق:
طيري يا طيارة طيري يا ورق وخيطان ... بدي ارجع بنت صغيرة على سطح الجيران.....
قرر مجلس الجامعة العربية الدعوة الى مؤتمر قمة لمناقشة عملية السلام الاسرائيلية الفلس...
تك تك تك يا ام سليمان، تك تك تك جوزك وين كان، تك تك تك كان في الحقلة عم يئطف خوخ ورمان....
ارتفع عدد ضحايا زلزال تشيلي ليصل الى اربعة الاف قتيل وعشرين الف جريح هذا وتتوالى وصول....

في صباح احد الايام قرر السائق الاتجاه بنا الى طريق عمان جرش اربد الذي لم ينته العمل به بعد. مناظر جديدة ومختلفة عن كل يوم، ومختلفة عن صحاري الزرقاء وبلعما. اشجار ومساحات خضراء، الكثير منها! غابات واشجار سرو، بحيرة ماء، هل لا زلنا في الاردن؟ اضطر السائق ان يدخل من طريق عجلون القديم واذ بنا نرى اشجار اكثر واكثف، كروم من الزيتون والعنب واشياء اخرى جميلة، عيون ماء، طبيعة نقية' الشمس هنا تختلف عن اخواتها فوق سماء عمان واالزرقاء، كذلك السماء فهي اكثر زرقة واقرب للارض، او الارض اقرب للسماء، الصبح هنا لا شك اجمل، كل شيء اجمل، وحتى صوت فيروز صار اجمل:
موعود بعيونك انا، موعود... وشو إطعت كرمالهن ضيع وجرود....
وع هدير البوسطة، لكانت نئلتنا: من ضيعة حملاية على ضيعت تنورين، وتزكرت يا عليا، وتزكرت عيونك، لك يخرب بيت عيونك يا عليا شو حلويييييين...
وصلت الى الجامعة وانا في قمة النشوة، كم هو جميل هذا الصباح. اتجهت الى الكافيتريا كما العادة واخذت فنجان قهوتي جلست في الخارج ارقب ما تبقى من الصباح، احتسي قهوتي المرة واتنفس روحي ودخاني. هذا الصباح جميل، هذا اليوم جميل، لا اريد ان افسده باي شيء اخر، عدت ادراجي الى موقف الباص وقفلت عائدا الى البيت...
الان وبعد قرابة العشرين سنة من ذلك اليوم، اذكر تماما ما تعلمته في الجامعة يومها: لا شيء. لكني تعلمت الكثير عن الجمال والوطن ونفسي، تعلمت يومها كيف اكون اقرب الى نفسي والى الحياة..

Friday 1 February 2013

معزوفة ولوحة وبعض الكلام


قطعتي الفنية

لااجيد الرسم ولا ايٍ من انواعه، وخطي من السوء اني لا استطيع قرأته! لكني احب الكلمات وبها ارسم ما ارى واحب...

هذا الصباح جميل، رغم انه مشهد يومي متكرر الا اننا قليلا ما ننتبه له. رأيت الشمس تشرق خجولة وعلى استحياء تنثر اشعتها على هذا الكون، التقت اعيننا فاستحت كما عذراء في خدرها، لكن بها شوقٌ للقاء، ناظرتني واطالت النظر بنعومة ومحبة، ارى حمرة خديها ولكنها لا تريد ان تشيح بوجهها عني، اتراها تحبني؟ الاشياء تصحو على هذا لقاء العاشقين وتشهد ما يحدث، النسمات باردة ولطيفة كمن يريد ان يحضر ولكن دون لفت الانتباه، الاصوات خافتة لكنها اشارة الى دبيب الحياة، السماء تخلع معطفها الاسود وتتوشح بالنهار. هذا الصباح جميل، كما اتمنى ان يعود كل يوم.


لا اعرف العزف على ايٍ من الالات الموسيقية، ولا الغناء ولا حتى الدندنة، ولكن املك الكلمات وبها اعزف سيمفونيتي..

لم يتوقف هطول المطر طوال الليل، صوته يطرق النافذة كما عاشقٌ يدق شباك الحبيب، يريدها ان تصحو له ولا يريد ان ينتبه اهل البيت له. اسمع الهمسات والضحكات التي يصدرها ملامسة القطرات للورقات والشجر. السماء تجود بامومتها على الارض والارض لا تعرف ان تقول لا. كم احب الحياة بعد المطر، القطرات تلمع على كل شيء كما انها درٌ منثور، رطبة هي الارض وطرية وتشتم فيها نشوة الجنس وخصاب الحياة من لقاء الليل الطويل، هل هذه اول مرة يسقط المطر؟ هل هذه اول مرة نلتقي.