Monday 25 February 2013

في ذكرى الثورة التونسية


انا اللي حرقت البوعزيزي




دخلت السوق وبدأت أتفحص وجوه الباعة، لم يكن هناك ما يميزه فأنا لم أره قبلها. انتبهت الى صراخه وهو يُجادل الشرطية، صَفَعتْه بشدة وسارت في طريقها الى مبنى البلدية. نظرت الى جيبي فلمحت الدولارات فيه فابتسمت وازددت إصرارا، اتجهت اليه وهو يبكي وينتحب بشدة.
وضعت يدي على كتفه، ضممته برفق وهمست في أذنه: لا تسكت، ولعها! نظر الي واجما وأدركت انه لم يفهم، فأنا لا أجيد اللهجة التونسية، فأعدت ما قلت وناولته قنينة البنزين التي كانت في يدي،
قال لي متسائلاً: ويش نسوي بيها؟
قلت: حريقة، نار، ولع!
لم تذهب علامات الدهشة عن وجهه فأخذت القنينة وأفرغت محتوياته عليه وأشعلت عود الثقاب وإبتعدت لأتمكن من التصوير. وباقي القصة كما تعرفون!
ابتسم المحقق ولم يحاول أن يخفي فرحه بالانتصار وصرخ قائلاً: يخرب بيتكم قتلت الرجل وخربتوا البلاد كلها من شان شوية دولارات! نظر بعدها الى مساعديه وقال: نزلوه من السقف!
قال للكاتب: تأكد إنه وقّع على أقواله وإبعثهم للجرايد خليهم كلهم يعرفوا شو اللي صار!
وضعوني على الارض وبدأ جسدي بالتهالك ولم أستطع الوقوف. كان المحقق قد همّ بالخروج فناديته على عجل: سيدي شو بالنسبة للموافقة؟
-أي موافقة؟
-موافقة على إصدار جواز السفر؟ ما أنا عشان هيك أصلا إجيت هون؟
....................................
هذه القصة لم تحدث(على ما أظن)، ولكني أكاد أجزم أنه في كل قصر رئاسي أو ملكي في شرق المتوسط هناك من ينام ويصحو وهو يحلم بالقبض على من أحرق البوعزيزي وتسبب بكل هذه الفوضى، فبلادهم وعبادهم يتنعمون بالسعادة ورضى رب البلد، والاهم لا يعرفون الثورات!



2 comments:

  1. مالذي قتل البو عزيزي
    نسال الله ان يغفر له ويتجاوز عنه.
    هل كان احساسه بالذل من صفعة الشرطية.
    هل هو الاحساس بان الامراء واصحاب الجلاله استنفذوا كل اسباب الاستمرار في الحياة وليس مجرد الحياه.
    هل كان شعور الخيبة الذي قرر ان لا يحمله الى البيت اخر النهار.
    هل كان ثورة على نفسه حيث لم تستجيب للرغبة لشيء من الكرامة فرئ من الخير ان يحرقها.هل كان يريد ان يحرق قلوبنا كلما تذكرناه لاننا كنا دوما شركاء في الجريمه.....فاندفعنا لنخرق معاقل الذل في انفسنا وبلادنا.الاسئلة حبلى وتضع التساؤل تلوالتساؤل.
    لكن اجمل ما حرقته نار البوعزيزي هو هذه الاقنعه التي ساهمت في احالة حياتنا الى سراب وعقم.
    مهما كان شكلها هذه الاقنعه....دينيه...جهاديه....قوميه.....ممانعه....وطنيه.....كلها انهارت وبدا بالتشكل ما يجب ان يكون وليس ما نظن انه يجب ان يكون.
    قد لايكون الشكل واضح المعالم واتحدى من يستطيع ان يثبت انه يتحكم بمجريات الامور....ولكن لرى ان السيل يسير بنا الى مساره الطبيعي ...اي الى ميجب ان يكون..
    اللهم ارزقنا الصبر والتثبيت والشكر للبوعزيزي واسال الله ان يغفر له.

    ReplyDelete
  2. "هل كان ثورة على نفسه حيث لم تستجيب للرغبة لشيء من الكرامة فرئ من الخير ان يحرقها.هل كان يريد ان يحرق قلوبنا كلما تذكرناه لاننا كنا دوما شركاء في الجريم"


    كلام جميل .... أبدعت

    ReplyDelete