Sunday 23 February 2014

حاجة ملحة: للقصة بقية

حاجة ملحة: للقصة بقية!
) كتبت قصة "حاجة ملحة" وحين قرأها احد الاصدقاء قال لي يبدو أن للقصة بقية؟ )
نزلت في الصفحة إلى أخرها فلم أرى شيئاً. عدت إلى بريدي الإلكتروني وتفقدت الملف المرفق فكان هو نفسه المفتوح أمامي. نزلت مجدداً إلى اخر الصفحة فلم أجد اية كتابة بعد "اليوم الخميس".
امسكت جهاز الجوال وبدأت أبحث عن رقم مراد، أُقرّ بموهبته ككاتب ولكني أكره الحديث معه لأنه لبق ومعبّرٌ على الورق فقط.
أستاذ مراد، كيفك؟ صحت بحرارة مصطنعة
رد ببطء وبرود واضح: الحمد لله!
وصلتني القصة اللي بعثتها في الايميل و
قاطعني بحدة: البريد الإلكتروني
تذكرت أنه يُصر على الحديث بالفصحى : نعم نعم، البريد الإلكتروني. قلت في نفسي وهل الكتروني عربي فصحى؟
-نعم
- يبدو أن القصة ناقصة
-شكراً، هذا رأيك. قال بنفاذ صبر
لا، لا أعني أن القصة غير جيدة، أعني ما وصلني، الملف الذي وصلني هو ناقص! بدأت اشعر بالارتباك من هذا النقاش المبهم.
-الملف صحيح
-لكن ما وصلني نهايتها عندما تقول أمه لمحمود أن اليوم هو الخميس! سكت للحظات ولما وجدت انه لم يقل شيئاً تابعت: فيعني ما في تتمة، عرفت كيف؟
بقي صامتا للحظات، لم أدري ما أقول لكني شعرت بأن صمته دليل غضب، ندمت لأني اتصلت به.
-أستاذ مراد؟ قلت لأقطع الصمت.
-نعم؟
- بس حبيت أتأكد ان القصة هيك نهايتها، يعني فيها فراغ او مفتوحة، فقلت قبل ما أنشرها ع الموقع أتأكد بلاش يكون في تتمة، وبس. لم أهتم للفصحى فقط أردت لهذه المكالمة أن تنتهي.
- أبو سامر؟ قال ببطء وصمت قليلاً ثم تابع: القصة هكذا نهايتها، إن لم تعجبك لا تنشر.
-أعجبتني استاذي، بس كنت متشوق اعرف حاجته عند محمود؟
-لماذا، هل تريد المساعدة؟
-لا لا، مش القصد.
-اذا اي فرق ان عرفت او لم تعرف؟
لم أدري ما أقول، فعلاً لماذا يهمني أن أعرف وأنا لن اساعده بشيء. هل سيتغير موقفي منه او تعاطفي معه ان عرفت حاجته؟
أردت ان انهي النقاش فقلت مُغيرا الموضوع :
سأضع القصة على الموقع في الصباح إن شاء الله. قصة جميلة..
-شكراً،  يسُرني أنها اعجبتك.
كانت سخريته واضحة، لكني لم أجد ما أرد به. فقلت مودعا: السلام عليكم
- وعليكم السلام.. أبو سامر؟ قال قبل ان يغلق الخط.
نعم أستاذي؟
- بإعتقادك، ما هي حاجته من محمود
قلت: لا يهم، فالرجل مجهول لي، ولا أنا ولا محمود نستطيع المساعدة الآن....

أحمد بكر

Friday 21 February 2014

حاجة مُلحة

حاجة ملحة...
لم أستطع النوم، قمت من فراشي واتجهت إلى المطبخ، اشعلت سيجارة وبدأت بإعداد القهوة، وقفت إلى جانب النافذة واشعلت سيجارة أخرى وانا احتسي القهوة ببطء وأطيل النظر في زجاج النافذة وذلك الشق الذي بدا كبيراً. الأفكار تتضارب في داخلي وأشعر بأن لا مخرج مما انا فيه، حسمت امري بأن اذهب إلى محمود واتحدث إليه بصراحة، اي احتمال مهما كان سيئاً هو أفضل مما انا فيه.
قاومت الوقت إلى أن انتصف النهار، كنت اعيد ماذا سأقول له وماذا سيرد، كررت ذلك آلاف المرات في الساعات القليلة حتى احتويت كل الاحتمالات. أعرف ان فيه قسوة، لكنه يحبني ولن يخذلني، هذا ما آمل، وليس لي إلا هذا الامل.

نزلت من بيتي مسرعاً واتجهت إلى بيت محمود، صعدت الدرج الطويل الذي يفصل حارتهم عن حارتنا، انعطفت شمالاً وأنا الهث من التعب. مررت من أمام دكان أبو إبراهيم، ألقى علي السلام فرددت متمتما وانا اشعل سيجارة اخرى. كان بعض الصبية يلعبون في الشارع بصخب، فقفزت إلى الرصيف لاتجنبهم.

لمحت فيصل يستعد للركوب في سيارته حين رأني فتمهل قليلا وتهيأ لمصافحتي، لم يكن لدي وقت ولا صفو لاتحدث، فأومئت له من بعيد محيياً وتابعت مسيري.
كنت أكرر في داخلي ما سأقول، وفي كل مرة كنت انجح باقناعه، للحظات بدت الحياة بطيئة جداً لكن كان هناك بريق امل.

وقفت على باب دار محمود وصفقت الباب الحديدي بيدي بقوة، صرخت منادياً : محمود؟
جائني صوت أمه من الداخل: أهلين يا خالتي، تفضل!
وصَلتْ إلى الباب وفتَحتْه على اتساعه، قلت: وين محمود؟
قالت: سافر الصبح، خير؟
قلت مستغرباً : ألم يكن موعد سفره غداً؟
قالت: لا.
قلت بحنق ونفاذ صبر: هو قال لي انه سياسفر الخميس صباحاً!
قالت : اليوم الخميس!
.....
.....
.....
أحمد بكر

Monday 10 February 2014

مات الجبلاوي

مات الجبلاوي، فهل مات الله؟
سؤال غريب، مُخرج من الملة برأي الكثيرين. قلة من يعرفون الجبلاوي وموته لا يعني الكثير لانهم لا يعرفونه، وكُثُر من يظنون أنهم يعرفون الله، وموته حتمية قد تحققت بنظر الاغلبية، لانهم حقاً لا يعرفونه.
عندما وصل عرفة - بعلمه وسحره- إلى داخل قصر الجبلاوي وكان كأنه كشف سره، لم يحتمل الجبلاوي فمات. الجبلاوي كان دائماً الغائب الحاضر في الحارة وأحداثها، كان حلم الضعفاء والمساكين وأمل المعدمين من الحرافيش. وكان أيضاً عدو الفتوات والناظر وكل من امتهن الظلم. وموته كان استمرار هزيمة الخير في وجه الشر، لكنه لم يكن نصراً للفتوات، ولكن تحوّل الظلم من يد إلى يد..

أحداث الربيع العربي كشفت قُبح الحكام العرب، وهو ما كان معلوما، لكنه أيضا كشفت قُبح الشعوب العربية، فهي لا تجيد الاختلاف، لا تقبل الآخر، وتحب الظلم وتُعظّم اهله وسادته. ولربما كان كلام عمر سليمان ان الشعوب غير جاهزة( لا تستحق ) الديمقراطية( الحرية والعدل)، ربما كان محقا.

أكثر ما هو مؤسف في ما حدث في الأعوام الثلاثة الماضية هو انهزام الدين في وجه كل أعدائه وأيضاً أمام أبنائه و أتباعه. وأهم أسباب انهزام الدين هو أفعال من نصّبوا أنفسهم حماة الدين ومتحدثين بإسمه. فصرنا نكره الدين السعودي الذي حارب ثورات الشعوب، والدين الإيراني المتشبع بالدم الطائفي، ونكره الدين الأزهري الذي بارك قتل المصريين، ونكره الدين السلفي الذي سفك دماء العراقيين والسوريين، ونكره الدين السياسي الإسلامي لأنه كان سبب انهزام الثورات العربية، وكاد يقتل الثورة التونسية لولا انهم قتلوه وما زالوا لكي لا يقترب منها.

كم من الأمثلة والمشايخ والعلماء والدعاة والقرّاء صار محط نقمة او سخرية لانقلاب المواقف وتغيير القناعات، كم من هؤلاء ممن كانوا مثال التدين صار سببا لكره الناس للدين  واهله وأشكاله. صار الدين ألعوبة بيد من يدفع، او من يملك  أعلى صوت، او من  يستطيع أن يلعب اللعبة.

بإختصار، "الدين" سبب انهزام الثورات، "الدين" يبيع ويشتري في دماء الناس وحقوقهم، الدين ينهزم في كل مواجهة، اذا هذه النتيجة التي سعوا إليها : مات دين الله!
وهذا هو ما رسخ في قلوب الكثيرين، من "المؤمنين الصالحين" إلى "الليبراليين الكافرين".

الكل اجمع على الهزيمة وعلى تسليم رقاب الشعب من يد ظالم، إلى يد ظالم آخر.

" من كان يعبد محمد، فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت" لكن اين أبو بكر ليصدع بها، وهل هناك من سيصدقه؟

أحمد بكر