Monday 10 February 2014

مات الجبلاوي

مات الجبلاوي، فهل مات الله؟
سؤال غريب، مُخرج من الملة برأي الكثيرين. قلة من يعرفون الجبلاوي وموته لا يعني الكثير لانهم لا يعرفونه، وكُثُر من يظنون أنهم يعرفون الله، وموته حتمية قد تحققت بنظر الاغلبية، لانهم حقاً لا يعرفونه.
عندما وصل عرفة - بعلمه وسحره- إلى داخل قصر الجبلاوي وكان كأنه كشف سره، لم يحتمل الجبلاوي فمات. الجبلاوي كان دائماً الغائب الحاضر في الحارة وأحداثها، كان حلم الضعفاء والمساكين وأمل المعدمين من الحرافيش. وكان أيضاً عدو الفتوات والناظر وكل من امتهن الظلم. وموته كان استمرار هزيمة الخير في وجه الشر، لكنه لم يكن نصراً للفتوات، ولكن تحوّل الظلم من يد إلى يد..

أحداث الربيع العربي كشفت قُبح الحكام العرب، وهو ما كان معلوما، لكنه أيضا كشفت قُبح الشعوب العربية، فهي لا تجيد الاختلاف، لا تقبل الآخر، وتحب الظلم وتُعظّم اهله وسادته. ولربما كان كلام عمر سليمان ان الشعوب غير جاهزة( لا تستحق ) الديمقراطية( الحرية والعدل)، ربما كان محقا.

أكثر ما هو مؤسف في ما حدث في الأعوام الثلاثة الماضية هو انهزام الدين في وجه كل أعدائه وأيضاً أمام أبنائه و أتباعه. وأهم أسباب انهزام الدين هو أفعال من نصّبوا أنفسهم حماة الدين ومتحدثين بإسمه. فصرنا نكره الدين السعودي الذي حارب ثورات الشعوب، والدين الإيراني المتشبع بالدم الطائفي، ونكره الدين الأزهري الذي بارك قتل المصريين، ونكره الدين السلفي الذي سفك دماء العراقيين والسوريين، ونكره الدين السياسي الإسلامي لأنه كان سبب انهزام الثورات العربية، وكاد يقتل الثورة التونسية لولا انهم قتلوه وما زالوا لكي لا يقترب منها.

كم من الأمثلة والمشايخ والعلماء والدعاة والقرّاء صار محط نقمة او سخرية لانقلاب المواقف وتغيير القناعات، كم من هؤلاء ممن كانوا مثال التدين صار سببا لكره الناس للدين  واهله وأشكاله. صار الدين ألعوبة بيد من يدفع، او من يملك  أعلى صوت، او من  يستطيع أن يلعب اللعبة.

بإختصار، "الدين" سبب انهزام الثورات، "الدين" يبيع ويشتري في دماء الناس وحقوقهم، الدين ينهزم في كل مواجهة، اذا هذه النتيجة التي سعوا إليها : مات دين الله!
وهذا هو ما رسخ في قلوب الكثيرين، من "المؤمنين الصالحين" إلى "الليبراليين الكافرين".

الكل اجمع على الهزيمة وعلى تسليم رقاب الشعب من يد ظالم، إلى يد ظالم آخر.

" من كان يعبد محمد، فإن محمد قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت" لكن اين أبو بكر ليصدع بها، وهل هناك من سيصدقه؟

أحمد بكر

No comments:

Post a Comment