Sunday 17 May 2020

العمل ‏الخيري ‏وبداية ‏الحضارة

بداية التحضر...
عندما سُئلت البروفيسورة مييد (عالمة انثروبولجي) عن أول علامات الحضارة الانسانية، وهل هي أدوات الصيد الحجرية، الزراعة ام الكتابة قالت: اكتشاف عظم فخذ انسان كان قد كُسر وشفي.
انكسار عظم الفخد في الحيوانات هو بداية لموت بطيء، فلا قدرة على الهرب من الحيوانات المفترسة، ولا قدرة على البحث عن طعام، يبقى الحيوان مكانه ويموت، إما جوعاً او كوليمة سهلة لأسد جائع.
وجود عظم فخذ بشري انكسر وإلتئم يعني ان هذا الإنسان وجد من يعتني به، يحميه ويغذيه إلى أن شفي. هذه العلامة هي (بالنسبة للبروفيسور مييد) هي علامة بداية التحضر والمدنية.
ان التكافل الاجتماعي هو أهم ركيزة في العلاقات لأي نجاح في اي مجتمع بشري، سواء كان لدينا القدرة على إرسال مركبات فضائية للمريخ أم كنا نعيش في السافانا، قدرتنا على العناية بالأضعف والأقل قدرة هي ما يجعلنا متحضرين.
الدين الإسلامي لم تتقصر تعاليمه على الروحانيات والإيمان فقط، ولو كان الأمر كذلك لما نازع عليّة القوم من قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتركوه يدعوا لمن شاء. إن قواعد الدين من الحرص على الزكاة، الصدقة، المؤاخاة، تقسيم الثروة (كي لا يكون دُولةً بين الأغنياء منكم)، المساواة وأمثلة كثيرة، كلها تصب في إنشاء مجتمع متكافل، مجتمع مدني متحضر.
ان مبدأ الحرص على مصلحة الآخرين والإهتمام بشؤونهم، رغم ما يبدو عليه من سهولة، إلا أنه أصعب من الصبر على الطاعات او البعد عن المعاصي. ففي الطاعات والمعاصي المنفعة (عادةً) ما تكون ذاتية، والإنسان بطبعه يحب نفسه ويؤثرها، والإنسان - أيّاً كان- فقدرته على التأثير على نفسه وتحمّل شهواتها وانحرافاتها وقيادتها للخير، أسهل أضعاف مضاعفة من القدرة على التأثير على الآخرين وإحتمال اذاهم وتقديم حاجاتهم واحتياجتهم على نفسه. 

وخدة المجتمع من خلال العمل التطوعي وليس فقط التبرع المالي في ظني من ارفع درجات الرقي والتحضر، وكلما زاد تنوع العمل المجتمعي كان المجتمع افضل وأرقى. ومما لا شك فيه ان العمل المجتمعي يحمل في طياته الكثير من الأعباء والمشقات. عن النبي ﷺ أنه قال: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، وفي الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه. وما عظم هذا الأجر إلا دليل عظم المشقة في مثل هذا العمل. 
وفي بشريتنا ما ينبأنا يقيناً أننا لا بد سنخطئ، وحسن النية والقصد لا يعني التبرئة من الخطأ، لكن ذلك يشفع لذاك. ولأننا مدنيون ومتحضرون فإننا نعلم ان التفرد بالرأي والقرار هو أول وأخطر مؤشرات الفشل لأي عمل مجتمعي. فأعان الله من أراد أن يساهم في الحضارة البشرية، وعليه ان يعرف ان هذا العمل، رغم عظمه واهميته وفوائده الجمة، إلا أنه الأكثر عرضة للنقد والتسخيف والاتهامات...

أحمد بكر 

قراءة ‏التا ‏يخ ‏

قراءة القرآن وقراءة التاريخ
أحمد بكر 

(هذه الخاطرة منبعها فكرة طرحها د علي الوردي في الفصل ١٢ من كتابه مهزلة العقل البشري)

يقول الوردي انه وخلال دراسته في الصفوف الأساسية كانت حصة التاريخ مثيرة ومحببة للتلاميذ، وحصة القرآن ثقيلة ومملة. وهذا بسبب ان التاريخ الذي ندرسه يحكي عن الأمجاد والانتصارات فقط، حتى حين يتحدث عن الفراعنة يخبرنا عن الأهرامات وما شيدوه من حضارة، بعكس القرآن الذي يتحدث عن الضعفاء ومواجهتهم للجبابرة، وعند الحديث عن الفراعنة يشير رمزا الى ما شيدوه من آثار ويستفيض شرحا عن الظلم الذي كانوا يكيلونه للشعوب.

للأسف الشديد ان غالب اطلاعنا على التاريخ هو اطلاع على تاريخ الملوك والدول، وأفضل مثال على ذلك هو كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي، الذي سرد فيه تاريخ الإسلام من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عهده (القرن الخامس عشر) وذلك من خلال تسمية الخلفاء، وسرد ما جرى في عهد كل منهم. ولكن الغائب عن هذا التاريخ هم الشعوب الذين عاصروا أولئك الخلفاء، فهؤلاء قصص جانبية وجملة او اثنتين في السيرة لذاك الخليفة، واما كيف كانت حياتهم وسخطهم وثوراتهم على حكامهم فهذا غالباً لا يذكر إلا إذا قتلت الثورة الخليفة او خلعته.

والقرآن ذكر لنا قصص الأنبياء والدعاة إلى الله، وبإستثناء الذي حآج إبراهيم ،والملك في قصة يوسف وفرعون في قصة موسى لم يك هناك ذكر للحكام ولو بالإشارة (داوود وسليمان استثناء آخر لانهم هم أهل الملك)، وانما ابطال هذه القصص هم الشعوب وانبيائهم الذين ثاروا ضد الضلال والظلم والاضطهاد والفساد.
ورغم ان غالب قصص القرآن اظهرت تعالي الظلم والظُلّام ورفضهم لقبول الحق وانكسار الحق أمام الباطل، إلا أن الدعاة والوعاظ يَرْوّنَ هذه القصص ليقولوا لنا ان النصر دائما معنا نحن أهل الحق، أهل الثورة على الضلال و الظلم. ونعلم يقينا ان هذا حدث مع عاد وثمود وأصحاب الأيكة، فقد كفروا واستبدوا وتجبروا ولم ينجح النبي ومن آمن معه بتغيير الأمور، ولذلك انزل الله عذاب الله عليهم والمعجزة الإلهية انتصرت، لا الحركة البشرية. اما إبراهيم فقد ترك بلده وهاجر، وموسى اخذ قومه وهاجر، والرجل الداعية في سورة ياسين قُتل، وهكذا دواليك. 

ولربما أكثر القصص تمثيلا لهذا المبدأ ،واقلّها حظاً من دروس الوعاظ هي قصة أصحاب الأخدود (تطرق سيد قطب لهذا في كتابه معالم على الطريق)، فهؤلاء قومٌ آمنوا بالله وثاروا على الاضطهاد والظلم، فكان عاقبة هذه الثورة هي موت كل من شارك فيها بالحرق في الأخدود. والقرآن ذكر القصة وذكر معانتهم ولم يتطرق ولو رمزا الى الطاغية الذي أمر بحرقهم (الآيات التي تلت تتحدث بالمطلق والعموم وليس خصا)، وإنما ذكرت سبب حنقهم وحقدهم على هؤلاء المؤمنين، لتدعم قضيتهم وتعيد التأكيد أنهم هم - المؤمنون الثائرون- من يستحقون الخلود في الذكرى . 

لكننا، ومما تعودنا عليه من حبنا للنهايات السعيدة نجد ان القصص تروى دائماً لتقول لنا: انتصرنا. والتاريخ يحكي فقط عن المنتصرين والفاتحين، لا عن الشعوب المقهورة التي رزخت تحت حكم ذلك المنتصر المؤيد. طبعاً هناك استثناءات في كتب التاريخ عما قلت، وهذه الاستثناءات هي القاعدة، فالكتب تزخر بالقصص والحكايا عن الخروج على الحاكم والقتل والتنكيل والبذخ للحكام مع ما كان يقابله من المجاعة والفقر المدقع الذي تحتملته الشعوب، لكننا اخترنا ان نتذكر ونذاكر ونسرد الماضي والتاريخ على أنه انتصار فلان وعدله وفتوحاته، وتجاهلنا عن قصد، او عن قصور، او عن طبيعة بشرية، تجاهلنا الشعوب التي جعلت ذلك ممكنا.

اليوم نحن، انا وانت ،هم الشعوب التي ستعيش على الهامش في صفحات التاريخ الذي يحدث اليوم، وكل ما قدمناه وحاولناه وانجزناه او ساهمنا به، ليكون الحاضر ممكنا، سيصبح في طي صفحات الماضي ولن يعرفنا أحد، بل سيذكررون هؤلاء الحكام فقط . وستكون حصص التاريخ للاحفاد في المستقبل مثيرة وممتعة حين لا تذكر شيء عنّا. 





على الهامش- من الطريف ان يلتقي علي الوردي مع سيد قطب في الخاطرة، وهما من نفس الحقبة الزمنية لكن على النقيض فكرياً.



 

Wednesday 13 May 2020

On being a nurse


Very very short stories, based on true events 🙂

1999, 4am
Me:I need to check on bed9, I don't think he's tolerating the Morphine well.
Minutes later, I am giving him IV Naloxone.
Hours later, bed9 is sitting in his bed, enjoying breakfast and morning sunshine.



2001
Me: Mrs X, good to see you, this is my student!
Mrs X talking to the student with a cheeky smile: did he tell you that he broke my rib?
Me: do you care to tell her why?
Mrs X: admittingly, it was when he started cpr saving my life
(she did have some broken ribs after the cpr, but I'm not sure if it was me;)



2003, Ramadan 1pm.
Mr X: that was a very nice roast, i really enjoyed
Me: I am glad you did
Mr X: and thank you for the Intelligent discussion
Me: thank you



2006 10pm
Mr X: Ahmad, really sorry about last night. My wife told me that I was very rude and racist to you
Me: I am glad to see you better, it wasn't you, you were confused
Mr X: did I also hit you with my walking stick?
Me: you tried, but I'm very agile.



2013
My colleague : I like the response you wrote to the consultation!
Me: also wrote to chief executive about the safety in the children's ward.



2016
Me: what you did was excellent and outstanding
Nurse X, with eyes full of tears, but after all that the patient died
Me: death is not necessarily a failure, its the natural end of life. You gave him all the care and dignity he needed at his last moments..


2019 8pm
She is on the other side of the wall standing on the ledge: I just want to die
Me, standing on one side of the wall holding tight onto her: no, you will not


1997-2020 many, many times
Me: I am very sorry for your loss



2020,
My son standing on the front door : anything interesting happened at work today?
Me: there's always something interesting happening if you are a nurse!


Ahmad Baker