Monday 5 November 2012

صدام بطل ام طاغية؟


القائد البطل ام الطاغية؟!؟

لا يخلو يوم ادخل فيه على حسابي في الفيسبوك لارى الكثير ممن يشيدون ويتغنون بصدام حسين، مما يجعلني اتسأل هل كان صدام قائداً تاريخياً صنع عزة العراق ومجده ووقف في وجه اعداءه يستحق هذا الاحترام والتبجيل ام كان مجرماً طاغية كمثيله من طغاة العرب؟

امتد حكم صدام للعراق من عام ١٩٧٨ الى ٢٠٠٣ اي ربع قرن، شهد فيها العراق الكثير من التغيير، وبالنظر بعين الناقد نرى انه تغيير نحو الاسوأ! 

احد اكثر ما اسمعه عن صدام هو انه جعل من العراق دولة قوية اقتصاديا، علميا، حضاريا وعسكريا. اذكر الجميع ان العراق كان دولة متحضرة من الاف السنين، وعندما اصبح عاصمة الخلافة العباسية اصبحت بغداد شعلة حضارة لم تنطفئ الى الان. ولكن في العصر الحديث من المهم الاشارة الى ما يلي:
كلية القانون في جامعة بغداد تأسست عام ١٩٠٨، وكلية الهندسة عام ١٩٢١. اي قبل تولي صدام الحكم بسبعين سنة وبمعنى اخر ان التحضر والمدنية لم تولد في عهد صدام.

النفط استثمر في العراق في عام١٩٢٧ من قبل شركة نفط العراق التي كانت امتداد لشركة نفط عثمانية. حتى ان شركة نفط العراق كانت تستثمر وتستخرج النفط في باقي دول الخليج الى عام ١٩٧٢ حين اممها احمد حسن البكر.

في قطاع الصحة وعلى سبيل المثال انخفض معدل الوفيات في الاطفال الحديثي الولادة من ٨٠ حالة عام ١٩٧٠ الى ٤٠ عام ١٩٨٩، في نفس الفترة في الاردن انخفض المعدل من ١٥٠ حالة ٥٠ (من كل الف مولود) عام ١٩٩٠. اي ان العراق كان افضل طبيا قبل تولي صدام وبينما تطورت دول اخرى بتسارع كان التطور بمعدل طبيعي او حتى بطيء.

Lما اريد ان اشير اليه هنا ان العراق كان دولة قوية متمدنة متحضرة قبل وصول صدام الى سدة الحكم، واي تقدم حصل في عهده هو نسيباً ضئيل جدا مقارنة بما كان عليه العراق قبله!

هناك الكثيرون ممن يدافعون عن القائد البطل ليقولوا انظر كيف كان العراق ايام وصدام وكيف هو الان؟ وهذا رأي سليم ولكنه منقوص، فانحدار العراق الان لا يعطي اي فضل لفترة صدام بل على العكس هو نتيجة ظلم واستبداد أُزيح عن ظهور الناس لتحل مكانه الفوضى.

لعل اكثر المتعصبين لصدام والدفاع عنه يلوذون بامرين؛ اولهما عدائه للغرب وثانيهم كبحه للشيعة.  واقول ببساطة ان قاعدة عدو عدوي هو صديقي هي خطأ! فعدوي هو عدوي ومن يعاديه قد يجمع بيننا المصالح لكن ليست الصداقة وعلى العكس تماما فقد يكون عدوي ارحم لي من عدو عدوي. انظر الى حزب الله في لبنان وعدائه مع اسرائيل ولكن فوهات بنادقه سرعان ما اتجهت الى صدور السوريين والفلسطينين واللبنانين انفسهم حين اختلفت المصالح. وصدام كما كان يحارب الغرب حسب ادعائه فانه كان حليفهم المقرب ومتلقي كامل دعمهم حين كان يحارب ايران. بل انه قبل ان يخوض مغامرته المدمرة في الكويت طلب اذن امريكا من خلال سفيرتها في العراق انذاك.

ان تشابك او تشابه المصالح لفترة لا يعني بالضرورة الاتفاق والمحبة، فالاتحاد السوفيتي كان يدعم حركات التحرر في العالم العربي والاسلامي وقواته تحتل وتقمع افغانستان وباقي الجمهوريات الاشتراكية ايامها. 

اما عن تعامل صدام مع الشيعة وكبحه واضطهاده لهم فهذا حديث يطول، ولكن اقول باختصار ان صدام كان مضهدا لكل فئات الشعب العراقي، سنة وشيعة، مسلمين ومسيحين، عرب واكراد، رجال ونساء. فمن كان يجرؤ على ان يتحدث ضده كان ينكل به وباهله واقربائه. حتى ان اصهاره  وابناء عمومته لم يسلموا من القتل حين تحدثوا ضده. فجاهل من يعتقد ان صدام كان يقف ضد الشيعة، صدام كان يقف ضد الجميع اياً كان التوجه. 

نقطة اخرى تثار احيانا ان وجود صدام هو من اوقف المد الشيعي من ايران الى الدول العربية. وهذا فيه الكثير من الصحة الا ان الدافع لم يك دينياً وانما قومياً بحتاً ومصالح مشتركة مع دول الخليج والغرب حينها. ومما يجدر ذكره ان صدام تحالف مع حركة مجاهدي خلق الايرانية الشيعية خلال حربه مع الخميني، فهو لم يك لديه مشكلة في التوجه الديني للخميني ونظامه وانما هي كانت حرب مصالح واطماع، للاسف كان العراق واجهتها واكثر الخاسرين منها.

لا شك ان لصدام انجازات عديدة على الصعيد الداخلي والخارجي ولكن من الظلم التغني بها واغفال اخفاقاته العظيمة واخطائه الجسيمة ومغامراته المتهورة التي اودت بالعراق خاصة والعرب عامة الى ما نحن فيه الان. نحن نحب العراق لاجل العراق لا لاجل طواغيته السابقين واللاحقين...

No comments:

Post a Comment