Sunday 4 November 2012

عبدالله بن ابي والمثل الاعلى




لا اريد ان اعطي درسا في التاريخ الاسلامي ولا موعظة دينية، فانا لست اهلا لذلك. لكني اريد طرح رؤية شخصية لتعامل الرسول -عليه الصلاة والسلام - المؤيد بالوحي، مع المنافقين في زمانه وكيف اعطانا دوروساً جهلناها واسلوباً افتقرناه.

ان تُهم الكفر والنفاق والفسق والفجور والزندقة وما شابهها اصبحت تهمً رائجة في زماننا يُرمى بها الكل بحقٍ او باطل، وتراق بها الدماء وتنتهك الاعراض والحرمات. فالكل يدعي انه صاحب الرؤية الحق وما عداه اما منافق او جاهل او عدو، وهذا كله دون وحيٍ من الله!

مما لا شك فيه ان عبدالله بن ابي -زعيم المنافقين في المدينة- هو من القلة القليلة التي عُرف نفاقها واشتهر بين الناس من ايام الرسول صلى الله عليه وسلم الى ايامنا هذه. وكما عاصر وعاش المصطفى عليه الصلاة والسلام مع المنافقين، عاشت اجيال الامة مع امثالهم ولكن ما اختلف هو اننا نظن اننا اقدر على التعامل معهم منه صلى الله عليه وسلم، اسرع في كشفهم واننا اجرأ في الحق اقدر عليه!

لا ابتغي سرد الايات العديدة التي نزلت تكشف نفاق ابن أُبي وتتوعده بالنار والعذاب العظيم، ولكن ان شئت فاقرأ سور التوبة، النور والمنافقين. وورد في السيرة النبوية القصص الكثيرة التي تُشير الى عِظم ضرره بالدعوة والدين. فقد رجع بثلث الجيش يوم أُحد، وأثار فتنة عظيمة في العودة من غزوة بني المصطلق ووصف النبي واصحابه باشنع الاوصاف وتوعدهم بالطرد من المدينة حين العودة، ودلّس على ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها قصة الافك حتى وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وقال ان رجلاً آذاني في اهلي ولا اعلم في اهلي الا خيرا. كل هذا واكثر ومع ذلك لم يسبه عليه الصلاة والسلام، ولم يُسيء اليه بل قال لابنه: بل نحسن لابيك. وحين استئذنه عمر في قتله قال: اتريد ان تقول العرب ان محمدا يقتل اصحابه!

يقتل اصحابه؟ نعم هذا ما سيتردد على الالسنة وفي مواقع التوصل الاجتماعي! ليس عدوه ولا زعيم المنافقين، وليس قتل رجل واحد جاهر بالعداوة والبغضاء، انما بالجمع ووصف الصحبة! كم يُقتل كل يوم من المسلمين في بقاع الارض بأيدٍ مسلمة؟ فهل سئل القاتل نفسه ماذا سيُقال عن هذا القتل، سواء كان اغتيالا بدنيا ام معنويا؟ لا اشك انه سيمدح نفسه ويرجو ان يدخل الجنة بهذه الدماء والاعراض!؟!؟ فهو أعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعامل مع المرجفين في الارض، وهو ادرى بعقابهم! 
 
اتسأل هل علم رسولنا ان عبدالله بن ابي منافق؟ هل علم انه يجهر بالاسلام ويضمر الكفر والعداوة والبغضاء؟ هل علم انه يريد هدم هذا البناء وتنكيس هذا الامر؟ هل علم بضرره على هذه الامة الوليدة؟ اذاً لما لم يقتله وينكل به؟ لما لم يسبه ويشتمه ويُعرّف الناس بكذبه وخطره؟ 

عرف التاريخ الاسلامي الكثير من الفتن والصعوبات على مر العصور، وفي كل محنة كان هناك المجاهدين، الملتزمين، المتشددين، المتفانيين، المنتطرين، المتخاذلين، المنافقين، والمثبطين. ولا شك ان الكثير من الاتهامات كانت تتبادل بين الاطراف والفئات وبعضها كان عادلا واخر مجحفاً. فما نعيشه الان ليس بجديد على هذه الامة ولكن مع انتشار المعلوماتية والتواصل اصبحت التهم تنتشر كما النار في الهشيم. والكل يظن انه على الحق وينتقي من القرأن والسُنة ما يشاء ليوافق هواه، كما افعل انا هنا!

في كل ما ننقله ليوافق اقوالنا او افعالنا نغفل او نتغافل انه صلى الله عليه وسلم احتوى اعدائه الداخليين، وتودد الى الاخرين. نعم كان عنده سيفه وترسه، ونعم جاهد وحارب وغزا، ولكنه كان يعفو عن المنافقين حتى حيت تخلفوا يوم الزحف، يعطي المؤلفة قلوبهم وسيوف المسلمين لم تزل ملطخة بدمائهم، ويتجاوز عن كثير. ارجو ان نكون مثله وان لا نظن اننا اقدر على التعامل مع الاعداء الداخليين -ايا كان المسمى- او الخارجيين افضل واجرأ منه فلا شك انه صلى الله عليه وسلم هو المثل الاعلى....




No comments:

Post a Comment