Friday 21 June 2013

غولدا مائير ومحمد عساف

تعلمت ضمن ما تعلمت ان احترم اعدائي، لذكائهم ولاصرارهم على الوصول الى ما يريدون! .

 عندما أقرّت غولدا مائير عملية اغتيالات للعديد من الشخصيات السياسية والثقافية والادبية الفلسطينية لم يعرف الاسرائيليون متى ستثمر هذه العمليات ثمارها؟

لم تبدأ القصة بإغتيال غسان كنفاني، ولم تتوقف عند كمال ناصر ولم تنتهي باغتيال ماجد ابو شرار. القصة بدأت عندما أيقنت اسرائيل ان قوة الثورة ليست فقط في اليد التي تضغط على الزناد، بل في اليد التي تمسك القلم وتُذكّر الشعب بوطنه.
قوة الشعب في ثقافته، في قدرته على التأثير وقدرته على الاستمرار حاملا الهوية، هذا ما عرفته اسرائيل عن هذا الشعب فارادت ان تصيبه في مقتل، فقتلوا المثقفين وعلى رأسهم غسان كنفاني، عسى ان مات من يُذكر الفلسطينيين بفلسطينيتهم ماتت فلسطين!
"فلسطيني حتى أطراف أصابعك , فلسطيني حتى الحماقة, وهذا هو مجدك إذا كان المجد يعنيك. تسلم على السائح, فتصيبه عدوى فلسطين . تقبل امرأة فتصير مريم المجدلية . تعانق طفلا, فيستكمل طفولته في إحدى قصصك . وهذا هو مجدك إذا كان المجد يعنيك . من أنت؟ غامض وعاجز عن الاجابة. فكلما اشتد وضوحك اشتد غموضك , لم تمتشق قلما ... لم تمتشق بندقية .. لم تمتشق إلا دمك ."
(محمود درويش: من يرثي بركان -غسان كنفاني)


واستمرت عمليات الاغتيال وازداد اصرار غولدا مائير -رغم موتها- واسرائيل على تصفية القضية، وتصفية من حملها هما وزرعها كلمات على شفاه الناس، وكلما انتصب قلم اصابه الرصاص، كلما وقفت الكلمة في وجه الموت دهسها الموت ومضى، وكانت كل الضربات قاسية موجعة للانسان، اي انسان، وللفلسطيني الذي لم يولد بعد، الذي لم يعرف بعد كيف يبني حجرا من ارضنا سقف السماء. ارادونا مثلهم، عابرون بين الكلمات العابرة، فقتلوا اصحاب الكلمات، وقتلوا ماجد ابو شرار.
صباح الرفض يا شعبي
صباح الرفض
قم انهض وصب النبض
في جسدٍ قتلناه وسميناه الارض
....
غولدا مائير ماتت من زمن، ولكن رؤويتها لم تمت، حلمها وما ارادت ان يستمر، استمر. اما نحن وبعد ان دخل كُلٌ الى جرحه وتوانى الزمان عن العودة الى دورته الطبيعية، فقد تعامينا عن حُلم غولدا مائير عندما رأيناه يتحقق، واستبدلنا ثقافتنا المكتوبة والمحكية باغنية في برنامج رقص..
مبروك للعرب صنمٌ جديدٌ ليُعبدْ
فعسى في حبه نتوحد
وعسى قضيتنا بالرقص والهز والطرب تتجدد
وعسى جولدا مائير في قبرها ترى ما صار
ولعلها تضحك لنصرها ولجهدها الذي ما تبدد
 اما شهدائنا، من مات ويده على القلم
من مات صارخا في وجه الرصاص
من دفع من دمه الثمن
من علّم العالمَ كتابة اسم فلسطين
من  مزق صوته صمت العدم
اقول
لم تموتوا انتم, نحن من فقد الحياة
و انتم روحا ابدية الالم..
مبرك للعرب معبودهم، مبروك لغولدا مائير نصرها، اما انا الفلسطيني وقد امتلئت بكل اسباب الغياب، فانا لست لي
انا لست لي
انا لست لي




1 comment:


  1. اللقاء الأخير في روما
    (مرثية لماجد أبو شرار)

    صديقي , أخي ’ يا حبيبي الأخيرا
    أما كان من حقِّنا أن نسيرا
    على شارعٍ من تراب تَفَرَّعَ من موجةٍ مُتْعَبَهْ
    وسافَرَ شرقاً إلى الهند
    سافر غرباً إلى قُرْطُبَهْ؟
    أما كان من حَقَّنا أن ننام ككُلِّ القِطَطْ
    على ظلِّ حائطْ؟
    أما كان من حَقِّنا أن نطيرا
    ككُلِّ الطيور إلى تينةٍ مُتْرَبَهْ....؟

    صديقي , أخي ’ يا حبيبي الأخيرا
    أما كان من حَقِّنا أن نُغَنِّي
    لِعَيْنَيْنِ بُنِّيَّتينِ تُقيمان ما بيننا والإله
    معاهدةً للسلام؟
    أما كان من حقِّنا أن نحبَّ, ونلعنها أورشليم
    إذا ما ادعى الكذبَ فيها نبيُّ الظلام؟
    فقد يكذب الأنبياءُ
    وقد يصدق الشعراء كثيرا....

    صديقي , أخي , يا حبيبي الأخيرا
    أما كان من حَقِّنا أن نرى ما يراهُ
    وما لا يراهُ أُولو الأمر فينا؟
    أما كان من حَقِّنا أن نقول الكلامَ الذي لا يُقَال
    الكلامَ الذي يَنْتَقِي من غُموض الفصول
    وُضُوحَ النصال
    الكلامَ الذي ينتقي من وضوح السيول
    غُموضَ قُوى الروح فينا؟
    صديقي ,أخي ’ يا حبيبي الأخيرا
    أما كان من حَقِّنا أن نداعب قِطِّةْ؟
    أما كان من حَقِّنا أن نرى وردةً
    دون أن نَتَوَجَّسَ فيها دماً قادماً من مكان قريب؟
    أما كان من حَقِّنا أن نُصَدِّق أن لروما قَمَرْ
    وأن لروما شَجَرْ
    أما كان من حقِّنا أن نسافر داخل هذا السفرْ
    أما كان من حَقَّنا يا حبيبيَ
    أن نسند التَعَبَ الحُلْوَ فوق حَجَرْ
    أما كان من حقِّنا أن نسيرا

    صديقي ’ أخي ’ يا حبيبي الأخيرا

    -2-
    مِنَ الصعْبِ أن أتأمَّلَ وَجْهَ حبيبي
    ولا أغمر الأفُقَ المستديرَ
    عَسلْ
    من الصعب أن أتحسِّس كَفِّ حبيبي
    ولا أحفن السلم منها
    كَرَفِّ حَجَلْ

    من الصعب أن يتدفَّق صوتُ حبيبي
    ولا يتحول قلبي
    إلى فَرَس مِنْ أمَلْ

    حبيبي , من الصعب أن أتأمِّلَ موت حبيبي
    ولا أرميَ الأرض
    في سلة المهملات...

    -3-
    ....وماذا بعد هذي الأرض , ماذا
    وزندُكَ شارعٌ’ وأنا رحيلُ

    ثَقَبْتُ الأرضَ بحثاً عن سواها
    فأسندني , لأسندها , الجليلُ

    فضَاءُ ’ أنتَ صُرَّتُهُ ’ وحيداً
    وحقلٌ , أنت طائرُهُ الجميلُ

    ولو ’ لو أستطيع حميتُ قلبي
    من الآمال...لكني عليلُ

    لنا جسدان من لُغَةٍ وخيلٍ
    ولكن , ليس يحمينا صهِيلُ

    وكان السجنُ في الدنيا مكاناً
    فَحَرَّرنا , ليقُتلَنا , البديلُ

    أَنا أرضُ الأغاني وهي ترمي
    بِمَدحِكَ حنطةً ... وأنا القتيلُ

    أنا أعلى من الشعراء شنقاً
    وأدناهم إلى عشبٍ يميلُ

    أُحبُّكَ ’ إذْ أُحبُّ طلاق روحي
    من الألفاظ , والدنيا هديلُ

    ولو ....لو أستطيع رفعتُ حيفا
    كقنطرةٍ , لتبلغك الخليلُ

    أحقاً أنَّ هذا الموت حَقٌ
    وأن البحر يطويه الأصيلُ

    وأن مِسَاحَةَ الأشياءِ صارتْ
    حُدُودَ الروح مُذْ غاب الدليلُ

    -4-
    صباحُ الخير يا ماجدْ
    صباح الخيرْ
    قُمِ اقرأَ سُورَةَ العائدْ
    وحُثَّ السَيْرْ
    إلى بلدٍ فقدناهُ
    بحادث سيرْ

    صباحُ الورد يا ماجدْ
    صباح الوردْ
    قُمِ اقرأ سُورةَ العائدْ
    وشُدَّ القَيْدْ
    على بَلَدٍ حملناهُ
    كوشم اليدْ
    صباحُ الخير يا ماجدْ
    صباح الخير والأبيضْ
    قم اشربْ قهوتي , وانهضْ
    فإن جنازتي وَصَلَتْ . وروما كالمُسَدَّس ,
    كُلُّ أرض الله روما , يا غريب الدار , يا لحماً يغطي الواجهات وسادة
    الكلمات , يا لحم الفلسطينيِّ , يا خبز المسيح الصَلْبَ , يا قُرْبَان حوض
    الأبيض المتوسط ... اختصر الطريق عليك يا لحم الفلسطينيِّ , يا سجادة
    الوثنيِّ , يا كهف الحضارات القديمة , يا خيام الحاكم البدويِّ , يا درع
    الفقير ويا زَكَاةَ المليونير , ويا مزاداً زاد عن طلبات هذي السوق , يا حلم الفلسطينيَّ في الطرقات , يا نهراً من الأجساد في واحدْ
    تجمِّع , واجمع الساعدْ
    ....ويا لحم الفلسطينيِّ فوق موائد الحُكِّام , يا حَجَر التوازن
    والتضامُنِ بين جَلاَديكَ . حَرْفُ الضاد لا يحميك , فاختصر الطريقَ عليك يا لحم الفلسطينيِّ , يا شرعيَّةَ البوليس والقدِّيس إذ يتبادلان الاسم , إذ يتناوبان عليك, يمتزجان , يتحدان , ينقسمان مملكتين , يقتتلان فيك , وحين تنهض منهما يتوحَّدان عليك يا لحم الفلسطينيِّ , يا جغرافيا الفوضى
    ويا تاريخ هذا الشرق , فاختصر الطريق عليك ... يا حقل التجارب للصناعات الخفيفة والثقيلة ’ أيها اللحم الفلسطينيُّ ’ يا موسوعة البارود منذ المنجنيق إلى الصواريخ التي صُنِعَتْ لأجلك في بلاد الغرب , يا لحم
    الفلسطينيَّ في دُوَل القبائل والدويلات التي اختلفت على ثمن الشَّمَنْدَرِ, والبطاطا , وامتياز الغاز , واتَّحَدتْ على طرد الفلسطينيَّ من دَمِهِ
    تَجَمِّعْ أيها اللحم الفلسطينيُّ في واحدْ
    تَجَمَّعْ واجمع الساعدْ
    لتكتبَ سُورَةَ العائدْ....

    ReplyDelete