Thursday 27 June 2013

وجع الكتابة


لماذا أكتب:
لكي لا أختنق!

كنت في صغري, حين يَتَملَكني الحزن والغضب, أكتب! أشعر بالكلمات تتقافز في صدري  أُحسُ قلبي يخفق بالكلام لكنها لا تصل إلى فمي, تخاف الظهور, تحتجب!  تتواصل ضربات قلبي ومع كل ضربة يضيق صدري بما فيه, صوتي لا يغادرني, يصرخ في داخلي تِلكُمُ الكلمات ولكني لا اسمع إلا حزني, غضبي, وقلبي.
أُمسك القلمَ وأبدأ بالخَطِ على الورق فإذا بكلماتي تتسابق لتصل أطرافَ اناملي, كل كلمة تسلكُ نفس الطريق, حارةٌ وحارقةٌ, أستشعر سخونتها وهي تتدفق في شرايني, تلسعني وهي تتسربل مني إلى الورق!

كم هي متعبةٌ الكتابة, لا يساويها إلا وجع الولادة.

انظر الى الصفحة فأرى نفسي, كلماتي طازجة, حديثةُ العهد بقلبي, هذا نِتاجي, وليدي, غضبي وحزني, ماثلٌ أمامي.

احتفظ بالورقة ليومٍ او يومين, لا يقرأها سواي, أُخفيها كما لو أنها جريمة, ربما كانت المشاعر جريمة, او التصريح بها هو الجريمة. أُعيد قراءة ما كتبت, إلى أن أملَّه! أخذ ورقتي وأُحرقها, بما فيها من حزنٍ وغضبٍ وكلمات. أقول في نفسي أحياناً لن أكتب مرةً أخرى, وأحياناً أقول لن أحرق مرةً أخرى.

بعد سنون من الخط والحرق اشتريت دفتر, وصارت الكتابة واجبة, في الحزن والغصب واوقات الملل. وريقاته تناديني دائماً وانا بين صدٍ ورد, بين كتابة وتسطير كلام, وإعراضٍ عن الصفحات وإغفال. الشيء الوحيد الذي إختلف أني لم أعد أُحرق الورق, فقط نفسي من يحترق.

قال لي صديق أنّ رجلاً أحب إمرأة إلى حدِ الجنون, وهي عنه معرضة, وبعد أن ناله اليأس من الوصول إلى قلبها, أراد لها الخروج من قلبه: فكتبها! قلت : إذا أكتب نفسي..

لولا ان الكلام يعاد لنفد... 
انطق الحروف فتصبح كلمات، ارتب الكلمات فتصبح عبارات، أصُفّ العبارات فتصبح عَبَرات، أنشر العبرات فيقولوا مجنون..

اخلق حروفي من عدمي، وعدمي يتساوى مع وجودي, فالعدم والوجود ضدان, يُكملُّ احدهما الآخر, وكل شيء في حياتي متضدات: الكتابة والصمت, الحياة والموت.

 أُزين كلماتي من دمنا، دمُ الفلسطيني المُسال المُشاع، دم العربي المُشبعِ بالاحزان, دم الانسان في كل مكان.
 
أصدح بعباراتي على مسامعي، فأنا رغم صممي الا اني مستمع جيد، تُحرقني ولا أحرقها.
انشر الكلمات حتى لا أموت ُبها, فيقرأوا عبراتي في حفل موتي، وموتي كما كل من في الشرق، يحدث كل يوم... 

كل الكلام يوجعني، لكن الصمت يقتلني.......

2 comments:

  1. أظنني أعرفك، حتى إذا قرأت كلماتك قلت:ما هذا أحمد إن هذا إلا قلب كليم، يتطبب بالكلمات حتى تخفيه. مع كل الامتنان لهذه المقطوعة الجميلة

    ReplyDelete
  2. كلام حلو وجميل. واتعجب كيف لم تستطيع الكتابة وكلي عجب ماذا كنت تريد أن تكتب.
    أرى بعض ما شعرت انت بة في صدري وكاني أراه انا. النهاية حلوة فالكلام يرجع ولكن الصمت لي يريحني كي لا أوج كل أحبتي وكل من يقرأون.
    سلمت يمناك

    ReplyDelete