Monday 13 July 2020

سيدات ‏القمر، ‏ ‏مراجعة

سيدات القمر
Celestial Bodies
للكتابة جوخة الحارثي
جلستْ هذه الرواية على جانب سريري قرابة عام، كتب كثيرة إتكأت عليها ورحلت، مرات متعددة ارجعتها زوجتي إلى مكتبة البيت لأعيدها مرة أخرى إلى جانب السرير.

إعلان فوز الرواية بنسختها الانجليزية بجائزة المان بوكّر الدولية هو ما دفعني للرغبة بقراءتها، قلقي أنها قد لا تعجبني هو ما منعني من البدء بالقراءة. الأسبوع الماضي تغلبت على نفسي وبدأت بالقراءة، وهي قصيرة نسبياً (٢٢٩ صفحة) فأتمتها أول أمس.. 

إعتقدت أن الرواية ستتحدث عن مجتمع عُماني مثالي وكيف عاش التغييرات التي أصابته، ولذلك كنت متخوفاً من القراءة، لأن مجتمعاتنا ليست مثالية. إن الصورة النمطية التي رسمتها الدراما السورية (خصوصاً) للحارة السورية قديماً هي صورة مثالية، ولكنها منفرّة لأنها لا تشبه الواقع ولا الماضي، والكثير من الأعمال الأدبية - للأسف - تحاول تجميل الماضي ورسمه بأبهى صورة، لذلك نشأنا مع كذبات كبرى حول تاريخنا، ونشتاق إلى حضارة ومجد لم يكن موجود سوى في كتب التاريخ المدرسية والأعمال الدرامية. 

نعود للرواية;
لندن، ابنة عبدالله، ولدت عام ١٩٨٦، والدها ابن التاجر سليمان نشأ في بيت يملأه العبيد ولم يذهب للمدرسة إلا بعد ان تجاوز العاشرة، ولندن درست الطب في الجامعة وأهداها أبوها بي ام دبليو عند التخرج. 

هذا هو مثال للتغير الجذري الذي شهدته عُمان، من صورة القرن التاسع عشر مباشرة إلى القرن الواحد والعشرين. وهذا المجتمع ليس مثالي إطلاقاً، تملأه المكائد والعلاقات الفاشلة والضغينة والظلم، تماماً كما الواقع. 

في كثير من المراجعات، وحتى عنوان الرواية،  أبطال القصة هم بنات سالمة - عروس الفالج- الثلاث : ميا، أسماء، وخولة. حياتهن هي تطور الحياة في عُمان،  والعوافي، تلك القرية الصغيرة على أطراف مسقط، هي مسرح الأحداث الصغير الذي يحتوي كل شيء متعلق بعُمان من نهاية القرن التاسع عشر إلى الآن. 

عبدالله، ابن التاجر سليمان، هو الشخصية الأهم، وهو محور الرواية، وهو الذي يربط الأحداث ببعض، وكل شخوص الرواية مرتبطة به، ولربما كان من الأولى تسمية الرواية بسيد القمر. 

كلنا لدينا قصة لنرويها، وربما قصصنا مثيرة بما فيها من أحداث وتفاصيل، لكن كيف تروي القصة هو أهم تفصيل في القصة، فكثير من القصص لما يسمعها أحد لا لفقر القصة، بل لضعف الراوي والرواية. وأسلوب الحارثي في رواية القصة وسرد أحداثها اسلوب جميل، قد يضيع القارئ في البداية محاولاً ان يربط الأحداث بالتسلسل الزمني الصحيح، وكثرة الشخوص في الرواية، لكنك ستجد نفسك سريعاً وقد استوعبت الأحداث والشخوص. 


لا أقول أنني لم أستمتع بقراءة سيدات القمر، ولكني أيضاً لا أقول أنها عمل فريد ومميز.
لا شك انها قد فتحت لنا بابا صغيرا على المجتمع العماني المنغلق على نفسه، ورأينا فيه الكثير مما يشبهنا، لكنها لم تكن موفقة في مواضع كثيرة سردا وتصويرا. ورغم ان العمل إبتدأ قوياً ومشداً للانتباه، إلى ان هذه الطاقة المتميزة كانت تزول تدريجياً مع تقليب الصفحات، وما ان تصل الى الثلث الأخير من هذه الرواية القصيرة نسبياً، تجد أن الكاتبة بدأت بالسرد الرتيب الممل للأحداث، أو كما نقول في العامية: إنقطع نفسها! 

عندما انتهيت من قراءة سيدات القمر زاد إعجابي بعبد الرحمن منيف مدن الملح وزياد قاسم الزوبعة... 

No comments:

Post a Comment