Sunday 21 February 2021

إخطية ‏- ‏إميل ‏حبيبي



هذه أول رواية أقرأها لإميل حبيبي، فلسطيني من حيفا، عاش شبابه تحت الانتداب البريطاني، وفي ١٩٤٨ أصبح رغماً عنه صحفي إسرائيلي. 
الرواية كُتبت في عام ١٩٨٥، إميل كان وقتها ٦٤سنة، وفي حينها وفي ثقافتنا "كان ختيار".
الكتاب يقع في ١٦٣ صفحة، بما فيهم المقدمة والصفحات البيضاء، يعني ممكن تقرأه في جلسة واحدة. 

إيش إخْطَيِّة؟ 

هي لفظة فلسطينية، أقرب معنى لها هو "حرام" التي تقال شفقة وليس تحريماً. لماذا إختار إميل حبيبي هذا الإسم كعنوان؟ لا أعرف، ولم أحاول سبر هذا السر. لكن لو كان لي خيار التسمية لهذه الرواية ربما سَميّتُها:
 الشقاء والبقاء، أو قصة تعاسة الحياة تحت الاحتلال، أو ربما هلوسات رجل عجوز، أو إخطيّة... 

"لو لم يكن الجبل كسيحاً لكرهناه، لو لم يكن البحر كسيحاً لأغرقناه. ولا تتألق إخطية إلا بمن يحبونها." وللحديث عن من أحب إخطية لا بد من الحديث عن الجبل، جبل الكرمل، والبحر، بحرك يافا، وعن أهل فلسطين، بمعاناتهم وإنقساماتهم، ولا بد من الحديث عن العابرون في المكان، الذين جاؤوا بعد العرب. لكن إميل حبيبي بدون مبرارات يتحدث أيضاً عن المسعودي ومروج الذهب ويتحدث عن الأندلسي والعقد الفريد، ويتحدث عن أشياء من الواضح أن لا علاقة لها بالقصة، وهنا السؤال المهم؟ عن إيش القصة؟ 

"فأحطنا الذاكرة بأكياس ملأناها بالنسيان استحكمنا وراءها نصدّ غارات اليأس حتى لم يبقى في الذاكرة سوى هذا السياج."

القصة عن الذاكرة، ذاكرة المكان. والمكان هنا هو شارع عباس في حيفا، لكنه أي شارع تختلط فيه الحداثة مع الغربة، الانضباط والروتين مع الفوضى، البساطة والبراءة مع التغريب والتغيير. أي شارع نجد فيه طيف من الماضي يمر من أمامنا فتتوقف الساعات لحظة أبدية، نضيع فيها في ذكرياتنا. 

حاولت أن أختصر في الكتابة عن هذه الرواية، ولو فسحت المجال لنفسي ربما كتبت عنها ما يوازي عدد صفحاتها. ليس لروعتها - هي لا شك جيدة- بل لأنها تفتح الأبواب وتتركهم مُشرّعة، أبواب عن الكتابة، عن اللغة، عن الوحدة، عن التاريخ، عن الحب، عن المعاناة، وعن أشياء كثيرة. 

لكن إرتأيت أن تكون هذه مراجعة سريعة، سرقتها من الوقت لأننا نحب أختلاس النظر والسرقة:
"لم يطب لنا تعاطي الحب إلا كما طاب لنا اللوز والبرتقال، الحلال علينا في كرمنا ودكاكيننا، سرقة"
ولأننا مشغولين، إخطية... 


أحمد بكر

No comments:

Post a Comment