Sunday 28 February 2021

الأدب الفلسطيني- ‏إميل ‏حبيبي ‏كمثال

الأدب الفلسطيني المقاوم تحت الإحتلال
(هذا عنوان لكتاب في النقد لغسان كنفاني) 


نحن العرب مبدعون في الأدب، وفي إختراع أنواع /أقسامٍ جديدة منه؛ فهناك أدب المهجر الذي كان جبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي أشهر أعلامه، وأدب السجون الذي تُعتبر روايات شرق المتوسط (عبد الرحمن منيف) والقوقعة (مصطفى خليفة) كأبرز الأمثلة عليه. وهناك أيضاً أدب الإحتلال، واللفظ لا شك فيه إشكال فالادب لا يتناسب مع الإحتلال وهما ضدان- طباق، لكن ما ينتج ويُنتج تحت الإحتلال له لون خاص. وهذا الفرع ليس حكراً على العرب، فكثيرون عاشوا تحت الإحتلال وأنتجوا في الأدب، لكن الحالة الفلسطينية خاصة، من وجهة نظري، للأسباب التالية :
أولاً تجدد الهوية الوطنية تحت الإحتلال، ثانياً تنوع طُرق الإحتلال، ثالثاً إندماج المقاومة مع السجون مع التهجير واللجوء في الهوية الأدبية. 

بدأ احتلال فلسطين قبل أن يجد الفلسطينيون هويتهم الفلسطينية. فالإنتداب البريطاني عند بدايته كان الفلسطينيون جزء من سوريا الكبرى، وجزء من القومية العربية. تجدد هذا الإحتلال ليبدأ الإحتلال الإسرائيلي، فوجد الفلسطينيون أنفسهم على هويات مختلفة: فلسطينيين تحت الإحتلال، فلسطينيين أردنيين، فلسطيني اللجوء، فلسطينيين في الخليج، وفلسطيني قطاع غزة. وهذه الهويات المتفرعة عن الهوية الأم غير متجانسة، نعم يجمعها تاريخ مشترك وهدف مشترك ونضال مشترك، لكن كل هوية تطورت بذاتها وبصلاتها بالمجتمع والظروف المحيطة. 

لماذا كل هذا؟ 
بصراحة كل مأردت الكتابة عنه هو مشاعري تجاه كتابات إميل حبيبي، وأكثر ما أثارني في كتاباته تلك الخصوصية الواضحة في القصة/ السرد لأهل "ال٤٨"، وهم الفلسطينييون الذين عاشوا تحت الإحتلال الإسرائيلي وأصبحوا جزء من دولة إسرائيل. 
 إميل حبيبي وإيليا سليمان وسميح القاسم وأحمد الطيبي ورائد صلاح كلهم أعلام وقامات فلسطينية من أهل "ال٤٨" وهو اللفظ الذي نستخدمه نحن الفلسطينيون للتمييز بين أهل الداخل وباقي فئات الشتات. لكن رغم معرفتي لهؤلاء، لم أدرك ذلك الإختلاف في الناتج الأدبي إلا بعد قرأتي لإميل حبيبي، وسأسرد هنا مثالين من مجموعته القصصية سداسية الأيام الستة:
في إحدى القصص يتحدث عن جبينة (شخصية من الموروث الشعبي الفلسطيني، قصتها موجوده على المدونة) ويستخدمها كإستعارة عن معاناة الفلسطينيين الذين استطاعوا أن يصلوا إلى أهلهم أو قراهم فقط بعد نجاح إسرائيل بإحتلال كامل فلسطين. والمثال الآخر هو حديث الصبية في الحارات عن حتمية إنسحاب إسرائيل من أراضي ال٦٧، هذا اليقين لديهم لم يكن موجود في أي مكان في العالم العربي حينها، على العكس كان الشعور بالخيبة والانكسار هو المسيطر. 

الرواية - والأدب عموماً - هي في العادة مرآة للواقع، ليس بالضرورة أن تتحدث بالتفصيل عن يوميات الناس، لكنها تمس ما يهمهم وتحكي عن مشاعرنا ونحن نتعاطى مع العالم حولنا. وإميل حبيبي قد فتح لي نافذة عن حياة أهلنا الفلسطينيين تحت الإحتلال لم أرها من قبل. 

إحمد بكر (الهمزة تحت الألف بالنطق الفلاحي) 

3 comments:

  1. جميل إحمد.. يسلمو إيديك..

    ReplyDelete
  2. في يوم ما كنت أنتقد و أحزن عندما ألتقي فلسطيني من ال ٤٨ حاملاً للجنسيه الإسرائيليه و أتساءل في نفسي هل هذه خيانه للقضيه ؟؟ ام صمود و تحدي للاحتلال ؟؟؟
    لم أجد الجواب حتى قابلت و تعرفت شخصياً عن قرب من بعضهم و جاريت تلك القامات كالشيخ صلاح حفظه الله و أطال عمره فلمست فيهم القوه و العزيمه و الصمود أكثر من كثيرين كنا نظنهم أبطال مقاومه و فدائيين .
    كتاباتك و نقدك و مشاركاتك ائماً ذات هدف و بعد ... بوركت وبورك مدادك يا أحمد.

    ReplyDelete
    Replies
    1. بداية على الهامش، ربما برعنا في الأدب لأننا ننحدر من لغة أراد الله أن تكون معجزتها القرآن. الذي أعجز العرب و ألهم الهمم.
      أما أهل ٤٨لي مداخله لاحظتها بالأمس و أنا أستمع لمقابله مع الشيخ رائد صلاح أنه كا يقول
      (نحن مواطنون على هذه الأرض)
      و الصراحه أعجبني معناها الأعماق أن انتساب مواطنتهم للأرض و تاريخها لا للإحتلال و نظامه السياسي.

      Delete