Sunday 7 March 2021

زهايمر

زهايمر
الأسبوع الماضي وأنا في الدوام رأيت رجل في بداية الثمانينات، أحضره الإسعاف إلى الطوارئ بعد أن وجدوه في منتصف الليل يبحث عن الباص!
في الطوارئ لم يجلس على كرسي للحظة واحدة، يلف دون توقف يحاول المغادرة؛ لأنه يريد الذهاب إلى الطوارئ!
كنت أتابعه بنظري وهو يجر قدميه ببطء، يتوقف كل بضعة أمتار ليرفع بنطاله الذي كان يكشف عن الحفاظة التي كان يلبسها! أمسكت يد ذلك الرجل ومشيت معه، تحدثت إليه ولكن دون جدوى، نظرت في عينيه فلم أرَ سوى الخوف والفراغ. 

سألت نفسي هل هو إنسان؟ لم أعرف الجواب، 
لأنني في حينها لم أدرِ ما هو الإنسان.. 
سألت نفسي ما هو الإنسان؟ جسم عضوي يحمل نفس الأعضاء التي أحمل، لكنه- أي المريض أمامي- يحمل كل تلك الأعضاء فقط يخلو من الوعي، الإدراك، فهل فقد إنسانيته؟

سألت نفسي إيش يعني انا؟ من أنا؟ تذكرت مقولة ديكارت الشهيرة: أنا أفكر إذا أنا موجود. نعم، أنا فكرة حيّة قادرة على التعايش مع ما حولها من خلال الإدراك، إن فقدت هذه القدرة فأنا لست نفسي، لست إنسان، مجرد جهاز عضوي لا قيمة له.

شعرت بخوف شديد وحزن عميق، فأنا لا أريد في يوم من الأيام أن ألبس حفاظة، لا أريد أن تكون نظراتي فارغة من الحياة، ولا أريد أن أنسى من أنا. أريد ذاكرتي كاملة، محتفظة بكل تلك التفاصيل، من لون الفراولة التي كنت أقتطفها وأنا جالس في الكرسي الخلفي للجيب العسكري عندما كان عمري لم يصل الخامسة، إلى هذه اللحظة، كل تلك التفاصيل هي أنا، هي إنسانيتي، هي أحمد.


أحمد بكر 

No comments:

Post a Comment