Thursday 25 March 2021

Bill Gates and the Astrazeneca conspiracy

:

 

Bill Gates (through the Gates Foundation) is one of the main funders for the Oxford Vaccine Centre. As the centre embarked on the trials for the Covid-19 vaccine, Bill Gates insisted that the Centre collaborate/ pair  with a pharmaceutical company to develop the vaccine, also restricted or prohibited the idea of making the vaccine “open source” (which means anyone can produce it). Of course this gave many conspiracy theorists the excuse and explanation they want to link Bill Gates to whatsoever they wet dream about!

Today, Astrazeneca is facing so much scrutiny over the vaccine because:

EU complaining about the production and not meeting the contractual agreements

EU keeps raising flags about safety concerns

 

Those issues, are –on the surface at least- are politically driven,  and it is causing a lot of problems for the company’s public image and a lot of hard work to resolve.

Now, this is all happening to Astrazeneca with millions of vaccines distributed and millions more to be produced and distributed, with no money making, no profit. AstraZenica agreement with the Oxford Vaccine Centre that no profit to be made during the pandemic phase, which is now. Meanwhile Pfizer and other drug companies are making billions out of their vaccines, and of course much less headache.  

Bill Gates, in explaining his decision about the pairing with a pharmaceutical company, he said that the mass production required - once the vaccine is approved- is something of a scale that the Centre could not meet, also the standards for safety of production is paramount, for the current vaccine and for vaccination in general, and that could not be guaranteed if the vaccine was made “open source” and anyone could produce it. Therefore, as the Centre paired with Astrazeneca they ensured that they are getting the manufacturing power required to mass produce, they got the media machine and legal teams of big pharma to work in support of the vaccine and they avoided the problems that a small research centre could not handle.

 

My Concern is will this happen again? If we have another pandemic –very likely- would a big pharmaceutical company pair with a research centre to mass produce a vaccine at no profit, but a lot of scrutiny, politics and bad media? 

Ahmad Baker

 

 

 



************************************************************

Sunday 21 March 2021

طول ‏عمري ‏مشكلجي ‏الحلقة ‏الثالثة

الحلقة الثالثة - الزيارة الثانية للمخابرات

في اليوم التالي استيقظت مبكراً وغادرت البيت قبل الثامنة، كان لدي دوام في عمان الجراحي يومها يبدأ الساعة الثالثة عصراً.
وصلت مبنى المخابرات في البيادر قبل التاسعة، أصبحت أكثر خبرة في الطريق.
عند وصولي للمدخل الرئيس صعدت بنفس الباص، وبعد أن تحرك الباص للحظات توقف وأشار السائق لي بالنزول مع بضعة أشخاص، اتجهنا أنا وهم إلى ممر طويل وإقتادني أحد الموظفين، وحينها لاحظت أن من رأيتهم بالأمس واليوم داخل المبنى جميعهم يرتدون اللباس المدني، على عكس سائق الباص وموظفي المدخل! أشار إليّ بالجلوس على منضدة جلد واسعة ولكنها مهترئة، شعرت بالأسى وأنا أبادله الإبتسامة وتساءلت: كلانا يحب الأردن ولا شك أن كلانا مستعد للتضحية بروحه دون تردد من أجل هذا الوطن، لكن ما الذي جعلنا على نقيضين؟ أقسمت في نفسي أن لا أكرههم.

بعد عشر دقائق جاء المحقق نفسه ونادى علي؛ كان بشوشاً جداً وصافحني وأشار إلى أن أتبعه، ففعلت.
دخلنا مكتب واسع، كراسي مريحة وطاولة من الخشب المهاونجي/البني الغامق. قال وهو يشير إلى الكرسي: ارتاح. قلت شاكراً : قبل أن نبدأ، كاسة ماء، اذا سمحت (كنت مفطر فول).
قال ضاحكاً: لو أن كل مراجع جاءنا سقيناه ماء لنفذ الماء من البلد! ضحكت ببرود، إتجه إلى باب المكتب ونادى المراسل، قال له كاسة ماء، فتدخلت مسرعاً: وقهوة، وسط! نظر إليّ مستغرباً، كان المراسل الشاب لا يزال يقف عند الباب محتاراً ممن يأخذ الأوامر، فنظر إليه وقال: اثنين قهوة.
جلس إلى مكتبه وقال لي: أنا اليوم صحيت مريض، لكني جئت عشانك! 
شعرت بالإطراء، وزاد ذلك شعوري بالأهمية وأنا أجلس في مكتبه وليس غرفة تحقيق، قلت مجاملاً: سلامتك.
جاءت القهوة، عرضت عليه سيجارة (كنت أدخن وينستون حينها) فرفض شاكراً وهو يخرج علبة المالبورو، قلت مبتسما: نيالهم اللي يشتروا الدخان دون جمارك.. ضحك وعدّل جلسته ثم بدأت الأسئلة.
كانت الجلسة ودودة ولطيفة، لم يكن حاداً كما كان بالأمس، وأنا لم إكن متوتراً كما الأمس. أذكر كل أسئلته، وكانت كلها حول نشاطي الطلابي في الجامعة، والحقيقة أنهم لم يكن لديهم أية مادة دسمة عنّي سوى كلامي عن الملك. وأعتقد أنهم كانوا في حيرة أمري، وهذا بسبب وجودي مع قيادات الإخوان وإتحاد الطلبة ولكن عدم وجودي تنظيمياً في الإخوان المسلمين، بل حتى "قلة ديني" وقتها وميولي اليسارية". والسبب بسيط، بالنسبة لي أنا أُحبّ هذا البلد، ومستعد للعمل مع أياً كان لما فيه مصلحته وزهاره، سواء توافقت معهم عقائدياً او فكرياً أم لم أتفق.


كان كثيراً ما يسرد أسماء طلاب من كليات مختلفة، كنت أعرفهم، ليسألني عن نشاطي معهم، خصوصاً النشاطات الطلابية. وكنت أرد بسرد أسماء كل من أعرفهم من نشطاء المخابرات في الجامعة الذين كانوا حريصين على حضور أنشطتنا مع إتحاد الطلبة ليعرفوا ما يدور.

صراحةً، لم يكن لدي شيء كثير ذو فائدة لهم، فأنا تخرجت من الجامعة، وحتى حين كنت في الجامعة ورغم نشاطي لكني لم أكن في أي تنظيم، وكانت علاقتي قوية بالإخوان، وكذلك بحزب العهد (أسسه الروابدة) وكتلة وطن. ومواقفي في السرّ والعلن واحدة، وما قلته لمحمد السرحان لم يكن سراً، ولم تكن المرة الوحيدة، لكنها كانت المرة الوحيدة التي جمعت الخيانة مع الماسونية (وجهة نظري الآن مختلفة جداً عن الموضوع) مع المصافحة مع رابين.
خلال النقاش/ التحقيق ، ولكي يُظهر أهمية وبراعة المخابرات قال لي: عندما يرزق أحدهم بمولود، ماذا يفعل؟
 قلت: إيش عرفني، أنا عزابي!
قال بنفاذ صبر: أين يسجله؟
قلت: في الأحوال المدنية. وتذكرت بامتعاض سبب وجودي هنا!
قال بفخر وهو يرجع إلى الوراء ليغرق في الكرسي الوثير: قبل أن يفعل، نكون قد فتحنا ملف له هنا!
قلت بغضب مصطنع: أنا لي حق عرب عندكم إذا!
قال: ليش ان شاء الله؟
قلت: انا مواليد سوريا، ولم أُسجل في الأحوال المدنية هنا إلا بعد سنوات طويلة!
قال متلعثماً: ان شاء الله مواليد الهند، بنفتح ملف مباشرة.
قلت وأنا اتنفس عميقا وبطريقة مسرحية: طمئنتني....
أردت أن أقتبس من مسرحية كاسك يا وطن وأقول له: "عندكم كل هالمعلومات عني وما بتعرفوا أن أولادي عيدوا حفايا".

في أثناء الحديث / التحقيق دخل شخص يبدو عليه أنه أعلى رتبة، فتح الباب دون أن يدق، وسأله رمزا عن شيء لم أفهمه، وبعد أن أجابه باقتضاب قال وهو ينظر إلي: إيش هذا؟ شعرت بالإهانة، ف "ما" و "إيش" تستخدم للشيء، وليس للعاقل، وهكذا يروننا، أشياء! فقال المحقق: تكنو (يقصد جامعة التكنولوجيا)، 
فابتسم الرجل الواقف عند الباب وقال: ممتاز، جيبوه! 
فرد عليه: خريج!
فقال وهو يغادر: لا ما بينفع.

استمر حديثنا، والذي بدا لي أنه بلا قيمة لي أو له، فهو لا يكتب ملاحظات، ولا يوجد أحد لتدوين التحقيق، وغالب ما يسأل عنه هو معلومات عامة معروفة للجميع.
انتهى اللقاء، وقال لي :
تمام، بعد اسبوع تروح الأحوال تلاقي الجواز جاهز. شكرته، وقلت له:
اذا إحتجت أي مساعدة طبية في الجراحي أو الجامعة ، فأنا مستعد، وفرصة سعيدة.
ابتسم ومد يده للمصافحة؛ فصافحته وقلت له: أنا لا أعرف إسمك؟ قال: مش مهم.
قلت ضاحكا: لا تخاف...
لم يجد ذلك مضحكا.. 

نادى على المراسل، وأمره أن يصطحبني للبوابة. رافقني الشاب بخطوات سريعة في الممرات، ودار بيننا حديث قصير جداً حول دفء الجو رغم أننا في شباط. اكتشفت قِصر المسافة بين البوابة ومكاتب التحقيق، والتي من الواضح أنها لا تحتاج باص..
بعد اسبوع ذهبت إلى الأحوال المدنية، فوجدت جواز السفر جاهز.
أحمد بكر 

الحلقة الثانية - المخابرات - الزيارة الأولى

الحلقة الثانية - المخابرات - الزيارة الأولى

كنت أعرف تقريباً كل شيء عن أسلوبهم، لكن شيئاً واحداً كنت أجهله وهو ماذا لديهم ضدي؟
بمجرد أن جلست قال لي:
إنت في قعدة مع محمود وبهاء وصقر وقلت في تلك الجلسة ان الملك خائن وماسوني، وقلت أن الملك لما صافح رابين (١٩٩٣) قال إنه بيعرف رابين من عشرين سنة!

بدايةً شعرت بالإرتباك الشديد، خطر في ذهني حكم سب مقامات عليا: ٣ إلى ٥ سنوات سجن. شعرت بالعرق يتصبب على ظهري، لم أدري ماذا أقول. نسيت كل شيء كنت أعيده من قصص التحقيق في المخابرات، صدمني الأسلوب والتهمة.

استجمعت قواي وقلت له: انا في حياتي ما اجتمعت مع محمود وبهاء في نفس الجلسة!

لم يترك لي مجال لإنهاء الجملة، ردد نفس الكلمات مرة أخرى وقال أنه متأكد.
لم أدري بماذا أرد، وكان الخوف لا زال في نفسي وقد كنت حريصا أن لا يرى ذلك، ولكن لم أكن أنا نفسي أعلم ان كان خوفي ظاهراً أم لا، وإن كان هو يدرك ذلك أم لا. الشيء الذي شجعني أن ما قاله عني وان كان صحيح أني قلته، لكن ليس مع هؤلاء الذين ذكرهم، فهو يلعب بي، فيجب أن ألعب معه أنا أيضاً. 

استجمعت قواي وقلت له : انا المرة الوحيدة التي اجتمعت بمحمود كانت في قعدة شدة/ تركس، ولم نتحدث في السياسة. أراد أن يقاطعني فأكملت: أما عن المصافحة مع رابين، فنعم أنا قلت هذا، وهو ليس سرّ، بل جاء بالمؤتمر الصحفي الذي بثه التلفزيون الأردني، ولكني قلته في جلسة مع محمد السرحان. 

(هامش: ترددت في ذكر الأسماء، لكن سعي المخابرات خلف صقر الهدار ومحمود الجمل ومحمد العكور وغيرهم هو وسام شرف لهؤلاء الشباب الذين كان همهم هو تحسين الحياة الطلابية في الجامعات والحياة السياسية في الوطن الحبيب، وأما محمد السرحان بصراحة لم أجد سبباً مقنعاً للتستر على من حاول أن يُدمر مستقبلي. أنا صدقاً لا أحمل أي حقد أو ضغينة تجاهه، وأعلم أنه الآن ممن يطالب بالإصلاح وتحسين الأوضاع، ونسي أنه إعتبرني خائن للوطن ويجب الإبلاغ عني عندما كنت أطالب بنفس الشيء قبل ربع قرن). 

 التلفزيون الأردني لم يبث ذلك المقطع من المؤتمر الصحفي، لكن التلفزيون السوري فعل، عدة مرات. 
قال وهو يحاول أن يظهر أنه غير مهتم: أنا لا أعرف من هو محمد السرحان هذا! وسأسلك عنه لاحقاً ،لكن ما يهمني هو ما قلته في جلستك مع صقر ومحمود وبهاء! 

قلت مبتسما وقد شعرت أنني بدأت إجيد اللعبة: محمد السرحان هو من كتب التقرير الذي تقرأ منه! 

سألني بعض الأسئلة الروتينية التي لا أذكرها في عجالة ثم قال:
الوقت لا يكفي، وانت جاي آخر النهار! إرجع بكرة صباحاً ونتحدث! 
قلت ببرود: أنا أعمل في وظيفتين (كنت حينها أعمل في عمان الجراحي ومستشفى الجامعة الاردنية - مصطلح دوبلة) وليس عندي وقت ل "روح وتعال"! نظر إلي مستغرباً جرأتي/ وقاحتي،فأكملت: سأتي غداً في الصباح، لكني لن أنتظر، إذا لم ترني قبل العاشرة سأغادر. قال بودٍّ ظاهر: إن شاء الله خير.. 

أحمد بكر 


طول عمري مشكلجي الحلقة الأولى- جواز السفر ...

طول عمري مشكلجي 
الحلقة الأولى- جواز السفر ...
في نهاية عام ١٩٩٥ قررت اعمل جواز سفر. ذهبت إلى دائرة الأحوال المدنية وقدمت طلب، وبعد سؤال واستفسار، قيل لي: أنت مواليد سوريا، كيف دخلت الأردن؟ قلت: وثيقة سفر من السفارة الأردنية في دمشق، صالحة للسفر لمرة واحدة وإتجاه واحد، وأخذوها على الحدود!
قال لي الموظف: لازم تجيبها، بدونها ما في جواز سفر. إتجهت إلى دائرة الحدود والأجانب - حسب ما ارشدني موظف الأحوال، وكانت في العبدلي، بجانب العمارة الزرقا. أخذت تاكسي لأوفر وقت (نص ليرة، من الدوار الثاني للعبدلي) وصلت هناك وقفزت من السيارة إلى الحارس عند الباب الذي بادرني: خير؟ قلت له أحتاج إلى نسخة من وثيقة سفر صُودرت على الحدود! قال متى؟ قلت: ١٩٨٥، ابتسم وقال وكأنه يُسّمع درس حفظه من سنوات: الوثائق المحفوظة هنا تتلف كل خمس سنوات! يعني؟ تسألت، لم يرد. وقفت على الشارع مكتئباً، أطلت النظر بالعمارة الزرقا بجانبي، لعنت حظي وعدت للبيت.


في بداية عام ١٩٩٨، أخبرتني أمي أنها محتفظة بصورة عن الوثيقة، إتجهت إلى الأحوال المدنية في اليوم التالي، قدمت الطلب وأرفقت الصورة، رفضها الموظف لأنها صورة غير مصدقة! أخذت الطلب واتجهت إلى مدير الأحوال المدنية وشرحت له الوضع فدمغ الطلب بتوقيعه، وخرجت وأنا أسعد الناس. قدمت الطلب وقيل لي "ارجع الساعة ثنتين".
عدت بعد بضعة ساعات، فقيل لي:
تحتاج موافقة مخابرات! إرجع بعد اسبوع.
رجعت بعد عشر أيام، قيل لي: راجع المخابرات.



راجع المخابرات، كلمتين ارسلتا قشعريرة في بدني وتملكني خوف شديد. سألت: كيف؟ متى؟ أين؟ قيل: فقط إذهب إلى دائرة المخابرات العامة في البيادر!
بعد يومين، استجمعت كل ما عندي من شجاعة وإتجهت إلى المخابرات. بعد عدة باصات وصلت إلى مبنى المخابرات والذي هو أشبه بحصن منيع. عند البوابة أعطيت الموظف إسمي وحاولت أن أشرح لماذا انا هنا، لكنه قاطعني قائلاً : اركب الباص! دخلت الباص، كوستر ٢٢ راكب، أبيض من الخارج بدون تفاصيل، ونظيف من الداخل. الشبابيك مغلقة، وكذلك الستائر. جَوْ، المقصود منه أن يُشعرك بالخوف، ضحكت في داخلي وأنا أجلس في المقعد خلف السائق مستمتعا بالشباك الذي لم يستطيعوا أن يغطوه بالستائر!
تحرك الباص بسرعة، وقطعنا فيه من الوقت ما يكفي لأن يصل صويلح (مبالغة شوي) والواضح أن كل شيء مُعدّ لتشعر بالخوف والقلق. نزلنا من الباص ودخلنا قاعة انتظار، المكان واسع جداً لكن الكراسي في منطقة ضيقة، فنحن محشورين مع بعض على هذه الكراسي في هذا المكان الواسع. لا أعرف أحد من المنتظرين، أغلبهم شباب وكثير منهم تبدو عليهم علامات الخوف. تلك اللعبة التي يلعبونها: باص مغلق، لفلفة طويلة، قاعة انتظار غير مريحة، رغم وضوحها إلا أنها تبدو فعالة مع البعض. أجزم ان هؤلاء البعض الذين انطلت عليهم هذه الحيل هم جاهزين فقط عند كلمة مخابرات، وكل ما تلا ذلك هو تضييع لوقتنا ووقتهم.
بعد نصف ساعة انتظار نودي على البعض منا وتم اقتيادنا إلى قاعة أخرى، ومزيد من الانتظار.
طبعا انا كنت متوقع كل ذلك، لذلك أفطرت في الصباح فطورا جيدا، لم أغادر الببت إلا بعد العاشرة، وصلت المخابرات بعد منتصف-اليوم لأني أعلم أنهم سوف يجعلونني أنتظر، وكنت أعلم أن نهاية الدوام عندهم حوااي ال٣ عصراً، فأقصى وقت سأنتظره هو ساعتين. وأيضاً حملت معي باكيت دخان جديد، احتياطا.

كنت أعرف ما هي الأسئلة التي سيسألونها، فأسئلتهم مكررة. كنا عادةً ما نجلس ونتسامر بقصص التحقيق في المخابرات، طريقة التعامل، الاسئلة واسلوبها. كان من قد طُلِبَ للمخابرات يزهو فخاراً وكأنه قد نال وسام الوطنية، وفعلاً، من يشهد لك على وطنيتك وجديتك بالعمل أكثر من المخابرات.

جلست في القاعة الثانية ، وهي أصغر كثيراً من الأولى، والهدف ان لا تكون مرتاحا، وفعلاً لم أكن مرتاحا.
بدأت أخمن لماذا هؤلاء الناس هنا؟ هذا أبوه كان في المنظمة (منظمة التحرير الفلسطينية) وهذا يحتاج موافقة أمنية لكشك، وهذا ربما كان يتحدث مع بعض أصدقائه في السياسية فقال أكثر مما يلزم. 
بعد قرابة النصف الساعة جاء شاب متوسط القامة، نحيف، أقرب إلى السمرة ونادى إسمي، تقدمت بإتجاهه فمشى مسرعاً ولسان حاله يقول: إلحقني!
دخل إلى غرفة صغيرة، فيها مكتب حديدي قديم وكرسي بلاستيكي غير مريح، كان قد سبقني فلم أتبين كرسيه الذي جلس عليه. شعرت بالإهانة، فهذا مكتب تحقيق، وليس مكتب المحقق، وهذه إشارة إلى تدني القيمة، قيمة المحقق، وقيمة المُحَقَقَ معه (أنا).
كنت أعرف تقريباً كل شيء عن أسلوبهم، لكن شيئاً واحداً كنت أجهله وهو ماذا لديهم ضدي؟
بمجرد أن جلست قال لي:
إنت في قعدة مع محمود وبهاء وصقر وقلت في تلك الجلسة ان الملك خائن وماسوني، وقلت أن الملك لما صافح رابين (١٩٩٣) قال إنه بيعرف رابين من عشرين سنة!

 أحمد بكر 

Sunday 14 March 2021

التعميم، الجهل، والشك

(العنوان الحقيقي هو كيف تعرف التيس) 

ايش الفرق بين ان تعلم وان لا تعلم؟ بين الجهل والعلم؟ 
 الفرق هو بالشك، كلما كنت متأكد من الشيء وواثق من نفسك ويقينك لا يُزعزع، معناه إنك جاهل. في سورة الحجر يقول رب العزة: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين. واليقين هنا بإجماع أهل التفسير هو الموت، فالحياة كلها شك حتى تنتهي بالحقيقة واليقين. 

بصراحة، الجاهل يتحدث بثقة عمياء ويقين مطلق - وكأنه ألمَّ بكل تفاصيل ودقائق الموضوع الذي يتحدث فيه،فالعالم، في الفقه او العلوم، لا يُعمم، ولا يجزم، ويشترط عندما يتحدث، والجاهل يتحدث بالمطلق والعموم، في كل شيء وهذا دليل على التياسة. . 

الشافعي كان يقول شطر (نصف) العلم لا أدري. واليوم يأتيك من لا يعلم ويتحدث وكأن الشافعي كان من تلاميذه. والطامة الكبرى ليس فقط حصر العلم بذاته، بل نفيه عن غيره، فيقول ناسا كذابين، وأكسفورد لا يعرفون، وإلى ما لا حصر له من أمثلة. 




ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع شيئان، إنتشار نظريات المؤامرة ، والطريقة التي يرد البعض بها على بعض المنشور على وسائط التواصل الاجتماعي. 

هذه الأيام تجد من لا يعرف إيش هو الحمض النووي الريبوزي والفرق بينه وبين الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين (تعمدت ذكر التسمية العربية) يفتيك في لقاح فايزر ومادرنا. وأنا، وكثيرون مثلي، رغم دراستي الميكروبيولوجي في الجامعة وقرأتي للعديد من الأبحاث المنشورة عن الموضوع، أتجنب الخوض فيه خوفاً من الخطأ او الحديث عن ما لا أفقهه. 

قبل أيام نشر الصديق عدنان الشبول فيديو عن نبات الحندقوق، وهو يدخل في صناعة السمن البلدي، وعدنان بحث واستفسر وتعلّم عن الموضوع قبل ان ينشر الفيديو، الغريب أن البعض خاطبه نافياً ان يكون ما صوّره هو الحندقوق، والبعض اتهمه بالجهل، واحداهن حذرته من الكلام عن الأعشاب. أنا ممكن أختلف مع شخص في طريقة إعداد السمن البلدي، لكن لا أقول أنه جاهل لأنه يختلف معي، وقد أكون أنا الجاهل بشيء هو يعلمه، فلماذا أنفي العلم عن غيري والحقيقة أنني أنا الجاهل؟

هذا مثال من أمثلة، وأجد أن هذه الآفة، هذه المصيبة، منتشرة جداً الآن، والغريب ان البحث والوصول إلى الحقيقة الان سهل جداً، لكن تجد غالب الناس يفضلون الكذب وينشرونه، قصدا او جهلا، ولا أدري أيهما اسوأ!

دائماً ما أنصح أبنائي (صرت ختيار) وأقول مكرراً:
إياك أن تختار أن تكون غبياً! فالجهل خيار، والغباء الناتج عن الجهل خيار، فحذار أن تختار الغباء ودعة الجهل على تعب المعرفة...

خلاصة القول:
من يتحدث بثقة زائدة، وجب عليك الشك في كلامه. وتصديقك للكذب هو اختيارك أنت، وانت المسؤول عن خياراتك.

أحمد بكر


حاشية
قديماً كنت من محبي الإستماع للشيخ كشك، وهو رحمه الله متحدث بارع، لكني اكتشفت ان غالب القصص والأحاديث التي يستخدمها في خطبه مكذوبة وموضوعة، واكتشفت أيضاً ان بعض طلاب العلم قد نبهوه إلى ذلك، لكنه تجاهلهم واستمر على نفس النهج! وهذا مثال واحد، ومثله كثر، في الدين وغيره. 
منذ زمن، صرت اذا وصلني حديث، بحثت عن تخريجه (تستغرق ثواني) وغالب ما يصل قصص موضوعة ومكذوبة، ما أستغربه،اذا ذكرت للبعض ان ما نشره كذب، تجده احتد وغضب، وكأنك أخطأت لأنك قلت ان ما نشره كذب، وهو لم يخطأ عندما نشر الكذب، فأستيقن أن الغباء والجهل خيار، والبعض يفضل أن يكون جاهل وغبي، على أن يعرف انه قد كان مرة جاهل (وكلنا كان كذلك) وتعلم. 

Tuesday 9 March 2021

سداسية ‏الأيام ‏الستة


كتابة خارج النص

لا أريد أن أتحدث كثيراً عن المجموعة القصصية، فقط فقرة واحدة أريد أن أتوقف عندها، وهي من رسائل فيروز إلى أهلها من سجن الرملة. في السجن، اجتمعت المناضلات من شتى بقاع فلسطين، لكن فتاة واحدة من حيفا تتصدر المشهد، فهي من أبناء الداخل، الذين نسيناهم وظننا أنهم نسوا الوطن وهويتهم الفلسطينية.
إلى ماذا تطمح، ماذا تريد، وما المستقبل الذي نريده جميعاً؟
الماضي..

نعم، نَحْنُ نَحِنّ إلى الذكرى، وكل ما نأمله في مستقبلنا، الوطني، العائلي، والفردي أن نجد الماضي أمامنا لنحياه مرة أخرى.

نريد لأوطاننا أن ترجع كما كانت، نتخيلها كما الذكريات، كالطفولة، المجد الذي نتمناه هو ما درسناه في كتب التاريخ.

حين زرت سوريا قاومت رغبة شديدة لزيارة التل وعين منين، لأن الشبق الذي كان يعتريني لم يكن لتضاريس المكان، بل لذلك الطفل في ذلك الزمان، لم يبقَ في الأمل هامش لما نشتاق، فكل ما نريد أن يكون، كان. والآن، ماذا تريد، ماذا نريد، الماضي بصورته الجميلة، لا الحقيقية. 

أحمد بكر 



Sunday 7 March 2021

زهايمر

زهايمر
الأسبوع الماضي وأنا في الدوام رأيت رجل في بداية الثمانينات، أحضره الإسعاف إلى الطوارئ بعد أن وجدوه في منتصف الليل يبحث عن الباص!
في الطوارئ لم يجلس على كرسي للحظة واحدة، يلف دون توقف يحاول المغادرة؛ لأنه يريد الذهاب إلى الطوارئ!
كنت أتابعه بنظري وهو يجر قدميه ببطء، يتوقف كل بضعة أمتار ليرفع بنطاله الذي كان يكشف عن الحفاظة التي كان يلبسها! أمسكت يد ذلك الرجل ومشيت معه، تحدثت إليه ولكن دون جدوى، نظرت في عينيه فلم أرَ سوى الخوف والفراغ. 

سألت نفسي هل هو إنسان؟ لم أعرف الجواب، 
لأنني في حينها لم أدرِ ما هو الإنسان.. 
سألت نفسي ما هو الإنسان؟ جسم عضوي يحمل نفس الأعضاء التي أحمل، لكنه- أي المريض أمامي- يحمل كل تلك الأعضاء فقط يخلو من الوعي، الإدراك، فهل فقد إنسانيته؟

سألت نفسي إيش يعني انا؟ من أنا؟ تذكرت مقولة ديكارت الشهيرة: أنا أفكر إذا أنا موجود. نعم، أنا فكرة حيّة قادرة على التعايش مع ما حولها من خلال الإدراك، إن فقدت هذه القدرة فأنا لست نفسي، لست إنسان، مجرد جهاز عضوي لا قيمة له.

شعرت بخوف شديد وحزن عميق، فأنا لا أريد في يوم من الأيام أن ألبس حفاظة، لا أريد أن تكون نظراتي فارغة من الحياة، ولا أريد أن أنسى من أنا. أريد ذاكرتي كاملة، محتفظة بكل تلك التفاصيل، من لون الفراولة التي كنت أقتطفها وأنا جالس في الكرسي الخلفي للجيب العسكري عندما كان عمري لم يصل الخامسة، إلى هذه اللحظة، كل تلك التفاصيل هي أنا، هي إنسانيتي، هي أحمد.


أحمد بكر