Thursday 15 August 2013

هكذا نؤرخ لحياتنا

لون الدم

أحمد بكر



لا يزعجني لون الدم, لا لاني دموي, لكن من كان مثلي: فلسطيني, عربي, مسلم يعرف تواريخ وأحداث حياته بالدم والمجازر..





ولدت بعد مجزرة تل الزعتر, دخلت المدرسة في مجازر بيروت, انتقلت إلى مدرسة حكومية بعد صبرا وشاتيلا, وانتقلت الى مدرسة أخرى في مجزرة الأحد الأسود. الثانوية العامة كانت في مجزرة الحرم الإبراهيمي, ونقلت سكني الجامعي في مجزرة قانا. انتقلت إلى بريطانيا بعد مجرزة الأقصى, وتركت التدخين قبل مجازر بغداد.

تواصلت المجازر وتوالت أحداث حياتي, فلا انا مِت ولا انتهى موت الأبرياء. لا أقول أني أخلو من الحزن أو الجزع مع تدفق الدم, لكني والحزن رفقاء أوفياء لا افارقه ولا يفارقني, لا يزعجني وجوده ولا آملُ رحيله .

في آخر سنتين تغير لون الدم وازداد كماً, أصبح اقرب للزرقة منه للاحمر, وإمتلئت به الأمكنة. لم يصدمني ذلك, ولا أجد سبباً للصدمة, لم ازدد حزناً ولا انتحاباً, فلا جديد لدى العرب, الضحايا دائماً متوفرة وما أكثر من يرغب بأن يضغط على الزناد.

الآن أشعر بالغثيان والتقزز, امتلئ حنقاً وحقداً, تقتلني أفكاري واقتلها. ليس لون الدم هو السبب, إنما صيحات الفرحين به, المهللين لتدفقه, الشامتين بالموت. لم أكن أعلم أن هناك أقصى من الموت, لكني الآن أيقنت :
الفتنة أشد من القتل.


مجزرة جديدة تضاف إلى تفاصيل وتواريخ حياتي, مجزرة العدوية؛ حين صرنا نكره بعضنا
مجزرة الغوطة، حين صارت الانسانية تتبرأ من الإنسانية.
المجزرة التي ستحدث قريبا، حينها سأكون من بين الضحايا، فماذا سيكون ذلك التاريخ لك انت؟


No comments:

Post a Comment