Monday 19 August 2013

كتابات سوداوية ٣: المجنون

المجنون

لست عاقلاً، أعرف ذلك يقيناً، لكني أُجيد التظاهر والنفاق. أقف في الجمع خطيباً فيصفقون لي، أبتسم بخبثٍ لأنهم صدّقوني، ولأني نجحت في خداعهم مرةً بعد مرة. أنطق بهطرقاتٍ مجنونةٍ عصيةٍ على الفهم فيقولوا يا لذكائه، وأقول يا لغبائهم وغبائي.

أُدققُ في داخلي لأرى معالم الحكمة فلا أجدُ إلا التناقض والهراء والغباء. هل من المعقول أن هناك شيئاً إسمه إنسان موجودٌ فيَّ؟ إذن أين إنسانيتي؟ فكلامي مليء بالحقد والكراهية، كتاباتي تتشابه مع قرارات الإعدام، وعجزي يقتل الحياة في كل شيء، حتى فيَّ. 


 لم أطلب من أحدٍ أن يُصدّقني، ولا أظن أن أحداً قد صدّقني، فكل من حولي مثلي؛ بارعون في التظاهر. الآخرون يعلمون أني مجنون، لكن يروق لهم جنوني، فيُصفقون، وأنا أُدرك خداعهم فأصفق لي ولهم. 

مللت من هذه اللعبة، لكنهم مُصرّين على الإستمرار، ورغم جنوني إلا أني أجبن من أن أصيح: توقفوا! وهم: يريدون لشجاعتهم مجنوناً مثلي، جباناً مثلي، ممثلاً بارعاً مثلي. 

لا تلوموني إن لم تفهموني، فأنا لا أحاول التبرير، وأنا مجنون، أنتم تعرفون ذلك جيداً، فماذا تتوقعون؟

(الصورة لقصاصة بخط جبران خليل جبران صاحب كتاب المجنون)

No comments:

Post a Comment