Monday 19 August 2013

كتابات سوداوية ٢ : إنسانية

انسانية

توجعني آهات المعذبين، أنين المساكين، صمت القتلى، صيحات الثكالى، هتاف الغاضبين، كسل العاجزين،  سِباب الآفاقين، شماتة الشامتين، كذب المدعين. توجعني انسانيتي.

لا أفهم نفسي، أكرهها:

جلس صديقٌ يُشكي ضعفه، يبكي موته وموت وطنه، ينتحب لعجزه في الدفاع عن شرفه. لم أجامله، شعرت تجاهه بالأسى وشفقت عليه.


مررت بغريبٍ لا أعرفه، ينظر إلى الفراغ، يملئه الحزن والسكون، وجهه مُتشحٌ بالسواد، لم يقل شيئاً سوى صمته،  والصمت لغة الضعفاء وتعبير الحزن والموت. لم أساعده، شعرت تجاهه بالأسى وشفقت عليه.


وقف قاتلٌ يسبُني، يسبُ أمي وأبي وكل من مات وعاش من أهلي، يسب ديني، يسب وطني، يلوح بسكينه متوعداً. لم أكرهه، شعرت تجاهه بالأسى وشفقت عليه.


تمدد أمامي، جثة فيها كل شيءٍ فيَّ إلا الحياة، كفنٌ أبيضٌ ورائحة الموت، لاشيء أخر. لم أبكيه، شعرت تجاهه بالأسى وأشفقت عليه.


نظرت إلى نفسي في مرآتها فرأيت ألف عامٍ من الحزن والأسى والشفقة والعجز والضعف والموت، رأيت كل شيء إلا أنا...

لا أدري هل هي لعنةٌ أم نعمةٌ أن تكون إنساناً حين تنعدم الإنسانية؟  


1 comment:

  1. الم ترى ان الصمت لغة من ينتظر الامل من دون ان يبكي الظلم الواقع عليه...الم ترى فيه صابرا ينتظر فرصة لينتهزها دونان يرى الظالمين اثر ظلمهم وتوقيع انتصارهم.
    الم ترى انه لم ينعت غيره بالضعف ولم يستبدل شعوره بالهزيمه ليخفي عجزه وحزنه.
    ليست الصورة كما تراها في المآه انه انعكاس لصوره غيرنا بقدر ما هي انعكاس لداخلنا.
    كلنا نشكي ونحكي بطريقتنا الفريده وكل منا صوره مميزه بواقعها وانعكاسها

    ReplyDelete